هذه الجزائر.. إلى أين تهدف؟!

وكم هو مؤلم حقيقة هذا الضياع من الزمن الذي استهان به هؤلاء واستخفوا به، فقط لبلوغ غرور أحمق حتى وإن عاد بالخراب على بيتهم.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/27 الساعة 03:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/27 الساعة 03:38 بتوقيت غرينتش

كم هو سيئ إلى حد الاشمئزاز أن تكون "دولة الجزائر" رهينة للكبائر السياسية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية المتراكمة التي اقترفها حكامها والممسكون بأدوات التحكم في البلاد والعباد في إصرار عنيد مجنون منحرف ضداً في الحق والمنطق وسمو القيم!

وكم هو مؤلم حقيقة هذا الضياع من الزمن الذي استهان به هؤلاء واستخفوا به، فقط لبلوغ غرور أحمق حتى وإن عاد بالخراب على بيتهم.

فهل يمكن للمرء مثلاً أن يصنع لوحة يتراءى فيها الجمال والحب وصفاء النفس والروح، بينما أخلاقُه فاسدة، وسيرتُه بين أهله ومع جواره سيئة مخجلة؟ قطعاً لا.

كذلك حكام الجزائر، يتحدثون – ولا يكفون أبداً – عبر إعلامهم ووسائط إعلامهم المختلفة… عن مساندتهم للشعوب المستضعفة وحركات التحرر في العالم، وأن ذلك يعود لمبادئ يتشبثون بها ولا يمكنهم أن يحيدوا عنها، في الوقت الذي ينكرون فيه تماماً عملية الطرد التعسفي الجماعي الذي طال المغاربة أواخر سنة 1975، والتي مثلت مأساة القرن بلا خلاف؛ حيث أقدمت "الدولة الجزائرية" على فصل الزوج المغربي عن زوجته الجزائرية وفصل الزوجة المغربية عن زوجها وأطفالها الجزائريين في أسوأ وأفظع سلوك منافٍ للقانون والأخلاق والفطرة الإنسانية ضداً في حق الإنسان في العيش الكريم!

أقدمت على هذا الفعل الشنيع، فقط كردّ فعل هستيري مريض على المسيرة الخضراء التي مكّنت من رد الصحراء إلى الجسد الأصل والوطن الأم من الاستعمار الإسباني، وهي الحقيقة التي تراها جريدة الشروق الجزائرية – على سبيل المثال – زعماً باطلاً من خلال صحفيها المغمور المدعو "حسان.م" في مقال أوردته بتاريخ: 19/02/2018.

إن الحديث عن انحراف الأخلاق وعن الإساءة للقيم المنزلة منها والمستنبطة يحيلنا حتماً – وبكل أسف – إلى بعض الحكام المتعاقبين على السلطة بالجزائر، الذين لم نشهد منهم إلا الكذب والإصرار عليه والتمرد على العهد والتنكر له، ونكران كل التقاطعات الإيجابية المتصلة به.

حتى إنه يصعب على المواطن بالمغرب أو بالجزائر على حد سواء رصد آخر كذبة للسياسة أو الإعلام بالجزائر من شدة تتابعها وتلاحقها وتواصلها، ولقد برزت في الأيام القليلة الأخيرة خبر التزييف الذي أوردته وكالة الأنباء الجزائرية بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "أكد خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الجزائري ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة بين المغرب وصنيعة النظام الجزائري "البوليساريو" حول الصحراء (للتوصل إلى اتفاق بشأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي)"، وهو ما تبين لاحقاً بأنه كذب وتزييف تعمدته الآلة الإعلامية الجزائرية طبعاً.

ولقد صدق الصحفي توفيق بوعشرين حين كتب مؤخراً بأن أكثر من ثمانين سفيراً جزائرياً عبر العالم ينامون ويستيقظون كل صباح على نقطة واحدة في برنامج أعمالهم لا تتغير، وهي دعم أطروحة انفصال جنوب المغرب، هذه الحقيقة التي يدركها كل متتبع نزيه وكل عاقل متزن.

إن ثقافة الشعوب المبنية على الرقي وسمو الأخلاق بين شبابها وناشئتها استشرافاً للمستقبل المنظور تبنيها نخبُها ويُؤَسسها ساستُها عبر التخطيط المحكم والدراسة المعمقة والنظر عن بُعد؛ إذ الأوطان تتصل بالبيئة والإنسان والمعتقد والقيم والأعراف، هذه هي الأصول التي ينبثق منها حب التعايش وتتولد عنها قيمة التسامح.

ولا يمكن الركوب على الأصول بالمزاعم والأكاذيب والأباطيل لتزييف التاريخ إلى ما لا نهاية، وتزوير وتشويه الجغرافيا لأجل نزوات عابرة ضيقة تحكم عسكريّاً مريضاً بالغرور والنرجسية وحب الذات ويسكنه الانحراف والميل إلى الشر وحب التسلط، لكن النتيجة بكل أسف تطفو حين تغلب الأحقاد وتتراكم، ليس فقط لدى بعض الساسة من خلال تصريحات هنا وهناك، بل أكثر من ذلك بين الشعوب وتتوارث بين الأجيال، وهذا هو الخطير حقيقة.

لكن في المقابل، ماذا ترك؟ وماذا سيترك صانعو الوهم وزارعو الحقد لدى شعبهم؟ أية تنمية ظهرت؟ وأي أفق وأي أمل برز؟ أوَليس حق الشعب الجزائري أولى بالمساندة في الصحة والتعليم والتنمية والعيش الكريم؟
فإلى أين يهدف الحمقى؟!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد