من أكثر بقاع الأرض خطورة، يخرج من الغوطة الشرقية قبل أيام استطلاع للرأي، ليس عن حجم الدمار، ولا عن عدد القتلى والجرحى، وإنما عن مخاوفهم من مستقبل ما ستؤول إليه الأمور في المنطقة.
لكن ما علاقة ذلك بالضحك؟
في الحقيقة العلاقة فقط سوريّة، عندها خرج الاستطلاع بالكثير من الابتسامات، السخرية، والضحك، لأناس بسطاء ليس لهم أي ذنب في أي حروب.
ليس غريباً عن مواطنين في بلد يضم عاصمة الضحك العالمية، أو هكذا كان سيتم الاعتراف بها رسمياً. حمص في منتصف سوريا، تشّع بالنكات والنهفات لتغطّي كما "شبكة الاتصالات" حدود البلاد، وتصل حتى المناطق النائية "ليس كما شركات الاتصالات المعروفة".
هل صادف أن نقل العالم صوراً لضحكات الناس عقب الحرب العالمية الثانية فرنسياً أو بلجيكياً مبتسماً بعد وجبة من القصف الألماني النازي؟
ربما سيصعب كثيراً إيجاد هكذا صورة.
ثم هل ترتبط مآسي العالم بالضحك والنكات؟ لا أعتقد ذلك، لكن في سوريا الأمر مختلف تماماً.
على صفحات التواصل الاجتماعي، وعلى الفيسبوك تحديداً، تنتشر الصفحات و"الغروبات" السورية الهزلية والكوميدية، ومئات آلاف المتابعين، قد يصل عددهم إلى نصف الشعب السوري، وأكاد أجزم أن الملايين الآخرين كانوا لينضمّوا إلى "شلّة الضحك" لو كان بمقدورهم الوصول إلى عالم الإنترنت.
في هذا العالم، يختفي الوجه "الناشف" للسياسة، وتتحد المواقف باستمرار على الضحك.
هنا على هذه الصفحات، ليس هنالك أحد معصوم، كُسرت "تابوهات" الإعلام، ومحظوراته. جميع الفاسدين والمرتشين والمتسلّقين ورجال العالم السوري السفلي المظلم، قد يكونون موضوع السخرية المقبل والضحك من الجمهور العريض.
ولأن الضحك معدٍ، أُصيب به المواطنون كلّهم على حد سواء، وأقصد هنا"المؤيّد والمعارض ورمادي اللون والمشمشي"، فضلاً عن مواطني المنصّات المتزايدة، اتفقوا معاً على أن تكون هذه المساحة فرصة لهدنة سوريّة ليس فيها وسطاء وعلى أرض زرقاء محايدة. كما اتفقوا "ليس بالصدفة" على موضوع وشخصية السخريّة والضحك.
الضحك على الواقع والسخرية من الظروف، أصبح "تريند" سورياً، لا يضاهيه شيء آخر. كيف لا والسوريون لم يعتادوا على الجدّية السلبية التي أودت بسوريتهم إلى الخراب؟
ولّت أزمنة الخطابات المدرسية التي يبرع بها السياسيون، لتحلّ محلها صورة واحدة "مصمّمة بدماغ موزون" معبّرة عن الحالة، ساخرة، ومضحكة.
هي الفطرة السوريّة الجديدة، التي تربّت على مسلسلات كـ"مرايا وبقعة ضوء"، واللغة التي اتفق عليها الجميع في وقت تتعمّق فيه خلافات الشخصيات السورية النافذة ثم خلافات الدول على أرضنا.
وحتى لا نحتكر الحديث عن هذه اللغة، ثمة تجارب عالمية كثيرة تتوسع في تجربة الضحك، ففي مصر مثلاً الضحك أصبح متقدّماً وله جمهور بالملايين، ثم دول عربية عديدة، وحتى عالمية.
هنالك فرصة حقيقية ليصبح الضحك لغة عالمية موحّدة ورسمية، ليس للساسة سطوة عليها، ليفرحوا هم بكراسيهم المزركشة والمثبّتة بكل متانة، ولنفرح نحن الضاحكون بعالمنا الواسع، ريثما تكون خطّتنا القادمة – كما يقول بينكي وبرين – "السيطرة على العالم".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر ش تحرير الموقع.