كثيرة هي التصريحات والأحاديث التي تم تكرارها مرات ومرات عن قرب التوصل أو حتى التوصل إلى تفاهم واتفاق بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، وأصبح مثل هذا الحديث عن الحوار والاتفاق بين الطرفين حديثاً مكرراً، حتى وصل الحال أن بعض المتحدثين والمسؤولين من كلا الطرفين وبمختلف مستوياتهم باتوا يكررون ويعيدون نفس الكلام، ولكن بصيغ وطرق مختلفة، وأصبح موضوع التفاهم والاتفاق حاصلاً أو تاماً، أو كما يقال بالعراقي (بالجيب)، لكن في أرض الواقع، فإن حل الخلافات ولحد الآن لا يبدو أن خطوة عملية واحدة قد اتخذت في هذا المجال.
هذا الكلام ليس تشاؤماً أو نسفاً لجهود أي أحد، لكنها الحقيقة والواقع (كما يقال في المقابلات التي يتفنن البعض للإجابة عن أسئلة وهو يريد الإجابة عنها بما يخالف الحقيقة والواقع)؛ لان كل التفاهمات واللقاءات ليست سوى جرعات من التفاؤل والكلام الطيب الذي ليس له قيمة في سوق الطعام والحاجة والعوز التي يعاني منها المواطن في الإقليم بعد أن تم قطع رواتبه وحقه في الحياة؛ لأن (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)، كما يقال، وأن كل هذه التفاهمات لا تقدم الدفء والحرارة للعوائل والناس الذين لا يمتلكون نفطاً أبيض ولا نقوداً لشراء ما يدفع عنهم قسوة شتاء كردستان البارد.
إن كل التفاهمات الخاصة لحل المشاكل والنقاط الخلافية بين بغداد وأربيل والادعاء بضرورة الاستناد إلى الدستور، وهذه الوطنية العالية والكبيرة التي نزلت فجأة على بغداد من ضرورة التأكيد على مبدأ سيادة الدولة الوطنية العراقية على جميع أراضيها، واحترام الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية، والتي أصبحت نغمة أو كليشيه يرددها الإخوة في بغداد بمناسبة وغير مناسبة، لا يقصد من ورائها سوى التهرب من نتائج الحوار ومستحقات المفاوضات التي تتطلب من الحكومة الاتحادية والتي هي المُبادرة لفرض العقوبات والحصار على الإقليم أن تقوم بواجبها الدستوري والقانوني والسياسي والديني والاجتماعي والأخلاقي تجاه شعب الإقليم، بوجوب رفع هذه العقوبات والنظر إلى سكانه باعتبارهم عراقيين ومواطنين لهم حقوق الإنسان، ولا يجوز بأي حال معاقبتهم وكسر إرادتهم والتأثير على نفسيتهم بهذه الإجراءات التي تخالف كل شرع وقانون ودستور، إن كان قد بقي لهم بقية في العراق.
ويكفي أن ننقل لكم تصريحاً للناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، والذي قال: "إن الجانبين شددا على ضرورة استكمال الإجراءات الخاصة بعمل اللجان الفنية التخصصية التي تعمل على الأرض لتطبيق الاتفاقات المبدئية والتفاهمات لحل المشاكل من أجل بلورة رؤية عمل مشتركة ميدانية لحل ما تم التأكيد عليه في الاجتماع".
وبعد استكمال كل ذلك يؤكد الدكتور حيدرالعبادي، في تصريح نشر يوم السبت 3 فبراير/شباط 2018 أنه "تم الاتفاق على خارطة طريق، ونتمنى أن تنفذ بشكل سليم"، علماً أنه وحسب تصريحات لمسؤولين آخرين، فإن كل الاتفاقات تم التوقيع عليها من قبل المسؤولين في الحكومتين، وأنها بانتظار توقيع العبادي منذ أكثر من أسبوع، أي أنه بعد كل ذلك يتطلب الأمر انتظار توقيع العبادي، الذي سيكون مشغولاً لثلاثة أو أربعة أشهر قادمة بسبب الانتخابات والتحالفات والاجتماعات والاستجوابات واللقاءات والتصريحات، والتي تجعله معذوراً؛ لأنه لا يملك وقتاً للتوقيع!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.