سبع سنوات من الثورة، سبع سنوات من الحياة… سبع عجاف على العبيد وأعداء الحياة، سبع عجاف على مَن اشتاق جلده للسوط، سبع عجاف على مَن جاعت غريزته شوقا للذل والهوان… سبع عجاف على من لا يتنفس الحرية ولا يرى في النور، عجاف على من لا همة له ولا شرف، عجاف على الجياف الملعونة من المقبورة نفوسهم في مقابر الانسياق والتذلل، كرامتهم في العهر رائدة يتداول عليها أسيادهم من الضباع.
الثورة يا سيدي منهج حياة، الثورة عقيدة وأخلاق… سبع سنوات من الثورة عجاف على قلوبهم، مليئة بالأمل في قلوبنا، فأنبتت فينا سبع سنابل من التفاؤل والوفاء لهذا الوطن وثورته… سبع سنوات من الثورة، خلالها عاش في تونس من خانها وعاش فيها من فداها بدمه.
سبع تنفس فيها الشعب وتعلم أن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، أن الحرية والكرامة لا تهدى ولا تعطى لا تأتي محملة في دبابات الاستعمار، وإنما تفتك وتكتسب ومن أجلها يضحي المرء بالغالي والنفيس.
سبع سنوات كتب فيها الشعب تاريخاً سيدرس في العالم وعبر الأجيال وأعطى دروساً في الكفاح وحب الحياة، دروساً سيستخلص منها أبناؤنا وأبناؤهم أن الوطن يمرض ولا يموت، وستتعلم منا الأمم التائهة والباحثة عن الحرية أصل الوجود.
سبع سنوات بعد ثورة قلبت جنة الطغات جحيماً وسحبت البساط من تحت أقدام العملاء والخونة، سيقولون سبعة ثامنهم قبر للثورة، وسيقولون ثمانية تاسعهم نهاية الحرية رجماً بالغيب، قُل ربي أعلم بعدتهم، الثورة حية لا تموت، الوطن حي لا يموت، الأمل حي لا يموت… نحن نفنى، نحن نموت، أما أحلامنا وكرامتنا وثورتنا خالدة لا تفنى، باقية بإذن من أذن بها سبحانه خلّاق الوجود.
سبعة من الثورة المستمرة حاول فيها أعداء الحياة الركوب عليها واغتيال روحها وروح كل مَن صمد وحارب في سبيلها… سجن الشباب وهمشت الجهات واستفحل الفساد وجاع الشعب ولا تزال الثورة حية، ولا يزال الشعار قائماً خبز وماء وبن علي لا، وإن جوعونا وإن شردونا وإن باعوا أرضنا الطيبة فنحن باقون ما دامت في العروق دماء تجري وما دام في النفوس حياة، الأرض أرضنا والوطن وطننا فقراء كنا أم أغنياء، والثورة ستبقى ولو بالدماء.
سنحيا وستحيا آمالنا وستبنا الأوطان بسواعد الرجال والنساء… ثورتنا تلهم العالم إلى اليوم وستلهمه إلى أبد الآبدين، ثورتنا قانون الطبيعة الذي يفرض عودة الحقوق إلى أصحابها… متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار؟!
الشعب التونسي حر، الشعب لا يستعبد، الشعب باقٍ على العهد، القدر لا يخلف أن وعد… دماؤنا ثائرة وأرواحنا تشتاق للعمل والموت في سبيل هذا الوطن، سنهدي من سيأتي بعدنا وطناً رحباً وحلماً جميلاً وواقعاً أجمل، ستشهد الأجيال القادمة أن أسلافهم أبطال لا يخافون… سيشهد التاريخ أن ثورة تونس أخافت كل ظالم وأرعبت كل ديكتاتور… سيشهد التاريخ أن الأعداء تكالبت علينا لكن العزائم لا تندثر.
قد نحيد عن الطريق لكننا لن نفقد الهدى، هدى الثورة، هدى الأمل، هدى الحلم بغد في وطن أفضل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.