أورد تقرير نشر بموقع BBC Travel أهم النقط التي تميز الحكومات الرشيدة في العالم. اعتماداً على مؤشري المشروع العالمي للعدالة ودليل الحكم الصادر من البنك الدولي، فإن الحكم الرشيد يعني سياسة اجتماعية متقدمة، مستوى عالياً من الثقة في الحكومة ونظاماً قضائياً فعالاً.
6 دول حول العالم تتبوأ مراتب متقدمة في تصنيف الحكومات الرشيدة. هدف التقرير تسليط الضوء على النواقص التي تتخلل عمل حكومتنا، سواء الظاهرة أو حكومة الظل، مقارنة بما تمتاز به حكومات العالم العادلة، مع التركيز على وجود دولتين من العالم النامي بأعلى قائمة التصنيف، واحدة منها هي بتسوانا الدولة الإفريقية الشقيقة، درءاً لشبهة لا مقارنة مع وجود الفارق.
الدنمارك، نيوزيلندا، كندا، اليابان، بتسوانا وتشيلي، هي الدول التي اعتلت أعلى المراتب في مؤشرات سيادة القانون ومحاربة الفساد وخدمة المواطنين.
عكس المغرب الذي يعتلي رئيس حكومته العثماني منابر مجلس النواب ليفتخر أن عهده (2018) سيشهد تخليص المواطن من سخرة وعبودية نظام المصادقة على الوثائق (الكيليزاسيون)، فإن حكومات العالم الرشيدة تعتمد ومنذ عقود نُظماً اجتماعية تعتمد الثقة المتبادلة بدلاً من تقديم الطلبات والتدقيق فيها. خدمة المواطن واجب وليست مِنة سيدي العثماني!
وبينما وُضعت مؤشرات المساعدة المالية للطلاب والتغطية الصحية الشاملة المجانية بأكبر جودة ممكنة لجميع المواطنين كأبرز معايير التصنيف، بارتباط مع ضرائب مرتفعة لتغطية الخدمات فتصير الفوائد أكبر من النفقات، نجد حكومات المغرب وحُكامه يتفننون في سد ثقوب المالية على حساب المواطن المسكين. مشاريع قوانين تحول التعليم من مبدأ الاستحقاق إلى الدفع، إلى جانب خدمات طبية رديئة مرتبطة أكثر فأكثر بجملة "سير خلص فلا كيس".
الحكومة اختارت إراحة الكبار بتخفيضات ضريبية على الكافيار ومشروبات الويسكي المستوردة، وعدم تجريم التهرب الضريبي بالحبس النافذ، وإعفاء ضريبي للحيتان التي تأكل أسماك الوطن على طول سواحله.
سياسات سخية لدعم الآباء والأمهات والأطفال وكبار السن مميزات الحكومات الست المتقدمة، مقابل افتخار السيد بن كيران وخلفه العثماني بمنح الأرامل العائلات لليتامى مبلغ 350 درهماً لا يغني ولا يسمن من جوع.
انعدام العنف والإرهاب من أهم مؤشرات التصنيف. وإذا ظل المغرب بعيداً منذ 2011 عن خطر "الهجمات الإرهابية" بفضل سياسة "استباقية احترازية" تطرح عشرات الأسئلة حول احترام الخصوصية والضوابط القانونية في ضبط واعتقال المشتبه بهم، الذين قد يكون سبب احتجازهم الدخول لموقع متطرف وتبادل الأحاديث مع "إرهابي محتمل"، فإن رتبة 47 التي تحتلها بلادنا في ترتيب الدول الآمنة يطرح أكثر من سؤال خصوصاً في مجال الجرائم الجنائية من كريساج وتشرميل، إضافة إلى تبوؤ ذيل الترتيب في مجال مكافحة الرشوة والجريمة الاقتصادية.
المجتمعات الرشيدة تتميز بالرحمة والإنسانية وحب الحياة الاجتماعية. لا يعني ذلك أن مواطنها ساذج أو أهداف سهلة، فلهم نظرات ثاقبة تميز الخبيث من الطيب وتكره الحمقى والتافهين.
المغرب، وإلى جانب الدول المتخلفة، ميالون للانفرادية بسبب سوء استخدام التكنولوجية، يمتازون بالعدوانية والفردانية في مجتمع لا يرحم تحت شعار: ألي حن يتمحن!
الحصول على المعلومة حق مقدس داخل المجمّعات "العُمرية" الكافرة، ففاتورة تاكسي رئيس الوزراء الدنماركي متاحة لأفراد الشعب للاطلاع من على موقع الحكومة، في الوقت الذي ضربت الحكومة المغربية 19 حجاباً و19 قفلاً وباباً بين المواطن المغربي والمعلومة، فأضحت كل معلومة تخص الإدارة والحكومة والحُكام تصنف في باب الأمن العام وحرية المواطنين الشخصية!
عندما تتجاوز كل العقبات وتطلب المعلومة ولا تحصل عليها، فعذر السهو كاف لإنقاذ الموظف أو المسؤول من سهام المحاسبة القضائية!
حكومة بوتسوانا الإفريقية تعد من أفضل نُظم الحكم في إفريقيا والعالم بمحاربة فعالة للفساد ودرجة مرتفعة في مؤشر حُكم القانون.
الحكومة البتسوانية التي أنشأت إدارة لمكافحة الفساد والجريمة الاقتصادية (دي سي إي سي 1994) هدفها مواصلة التحقيقات والملاحقة القانونية لمسؤولين متهمين بالفساد، قد تفيد وطننا العزيز في مجال الضرب على المفسدين بيد من حديد، وتنزيل أمثل لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وليس بالإعفاء. بتسوانا دولة الغابات والمنتزهات قد تُقدم نصائح ذهبية لدولة الحق والقانون "الشفوي" في طرق تسريع التحقيقات وإخراج نتائجها للعلن، بدل سُنة التحقيق الذي يذهب لأبعد مدى ولا يعود إلى يوم يُبعثون!
بتجربة توزيع عائدات التنقيب عن الأحجار الكريمة بطريقة عادلة في جميع أنحاء البلاد، قد تنصح بتسوانا بلدنا الحبيب كي يُلزم شركات التنقيب عن الذهب والفضة المنتشرة في بقاع جهة درعة المحكورة، بتبني سياسات اقتصادية أكثر عدالة في المناطق التي تشتغل بها. وبينما تتسابق كل شركات "البقرات الحلوب" التي تفرغ جيوب الشعب بفواتير مكالمات وخدمات تضاعف نظيرتها في فرنسا، تتسابق في رعاية مهرجانات النشاط والتخدير الجماعي، فإن ذات الشركات تختصر مسؤوليتها الاجتماعية في حملات لجمع النفايات على الشواطئ انسجاماً مع الكذبة الكبيرة التي أطلقها وصدقها أجمل بلدان العالم: حماية البيئة!
بتسوانا تحتل المرتبة الأولى إفريقياً فيما يتعلق بحرية الصحافة وحقوق الملكية الفكرية والشخصية، في الآن الذي احتل المغرب فيه المرتبة 131 في مؤشر حرية الصحافة. ليس لك الحق في انتقاد من يحتكر 90% من مصادر القرار والثروة بخطوط حمراء باقية وتتمدد كما وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش. لك الحرية فقط في ربط كل مآسي الوطن بكراكيز وبيادق وقطع شطرنج تتحرك لتضفي صبغة المشروعية على لعبة مكشوفة للخارج كما الداخل.
كل قرية مكونة في بتسوانا من 500 نسمة وأكثر لها الحق في وجود عيادة طبية ومدرسة ابتدائية. عكس الصورة التي ترقبها كلما اضطرك الوضع لمرافقة أحدهم لقسم المستعجلات أو "الإنعاش" بأحد المستشفيات المغربية، حيث تجد ثلثي المرضى والمرافقين يبحثون بشق الأنفس عن الطبيب الوحيد والممرضة الوحيدة كي يتدخلوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد حصة من السب والشتم وتبادل السباب والاتهام بين الجبهتين!
دولة الشيلي التي حلت في المرتبة السادسة في المؤشر تمتاز ببنية تحتية راقية تجعل من الحياة تجربة مريحة خالية من العقبات، وهو ما يذكر بفيضانات الجنوب سنة 2014، حين اضطر المواطنون لحمل جثث الموتى فوق شاحنات القمامة بعد أن انهارت طرق وقناطر لم تكمل سنتها الأولى. كوارث تلاها فتح تحقيق ينتظر المغاربة وصول نتائجه بعد أن ذهب لأبعد مدى!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.