نقطة ببحر

ما الفرق بين هذين المصطلحين؟ وما دﻻلة كل منهما؟ وكيف يتم استخدامهما في وقتنا الحاضر؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/09 الساعة 06:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/09 الساعة 06:10 بتوقيت غرينتش

منذ بداية إرهاصات النظام الدولي الحالي، بدأت معها عملية تغيير مصطلحات أساسية في تشكيل وعي الناس، تنفيذاً لمبدأ ائتمان الخائن وتخوين الأمين، كما أخبرنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، في حديثه المعروف عن السنين الخداعات.

من جملة المصطلحات التي تم التﻻعب بها، ومن ثم التلاعب بعقول الناس من خﻻلها، مصطلحا (الثورة) و(الخروج).

ما الفرق بين هذين المصطلحين؟ وما دﻻلة كل منهما؟ وكيف يتم استخدامهما في وقتنا الحاضر؟
المصطلحان كلاهما يشيران إلى حالة تمردية على السلطة الحاكمة، ولكنهما يختلفان في غاية وماهية ونتائج التمرد، فمعنى (الخروج) والذي كان مستعملاً في عصور السيادة الإسلامية يتراوح ما بين الحراك من أجل تغيير ما في بنية النظام القائم (كما حدث في الثورات على الوﻻة في العراق ومصر)، وبين إسقاط السلطة بدون إسقاط الثوابت المجتمعية التي قامت عليها الدولة أصلاً، سواء نجحت عملية الخروج أم لم تنجح، "العباسيون على الأمويين، الحسين على يزيد، النفس الزكية على المنصور… الخ".

بعد هذا كله وفي زمن بلورة النظام العالمي الحالي، وفي مراحله التمهيدية، ظهر مصطلح (الثورة) ليشير إلى حالة تمردية أشد قوة وأكثر تطرفاً واستئصالية، تريد الإطاحة بالعقول والمفاهيم والثوابت التي في الأذهان والأفئدة، ولكن من الضرورة البدء بتنفيذ هذا البرنامج، خارج العالم الإسلامي؛ حيث يسود المعتقد الخاطئ، والأخلاق المنحطة، ومن ثم تسويقه بين المسلمين بطرق خفية، ولكنها براقة ولها جاذبية ﻻ تقاوم.

ولو أمعنا النظر كمتابعين لما يجري، لوجدنا أن (الثورة) ككلمة تدل على اﻻستئصال، ترافقت مع بداية اﻻنهزام الإسلامي بعد هيمنة استمرت لقرون عدة تصل إلى ما يقارب الألف عام، فمع الصعود الغربي على حساب تراجع المسلمين برزت ثورتان في العالم الغربي ومتزامنتان مع بعضهما في الوقت تقريباً، الثورة الفرنسية، وهي ثورة سياسية اجتماعية، أسست للإطاحة بالأنظمة الغربية المهزومة من المسلمين في قرني الحروب الصليبية، وفرضت أنظمة حكم جديدة متبوعة بتنظيم فكري وعقد اجتماعي جديدين، وقد أثمر هذا النظام الجديد عن نوع من النهضة، نتيجة ﻻنتشار السلم اﻻجتماعي وتحقيق قدر معين من العدالة بين الرعايا.

الثورة الأخرى، التي تزامنت مع الثورة الفرنسية السياسية اﻻجتماعية، هي (الثورة الصناعية)، وهي ﻻ تقل أهمية عن سابقتها على الرغم من اختلاف المجاﻻت، فنتيجة للعدالة اﻻجتماعية والرخاء اﻻقتصادي النسبي في ذلك الوقت في الغرب، تفجرت الطاقات الإبداعية تنهض في مجاﻻت العلم والتقنية، وبدأت اﻻختراعات التي طورت حياة البشر اليومية، ووصل التطوير الصناعي حتى مجاﻻت العلوم التطبيقية، وعالم اﻻتصاﻻت والسلاح، وحتى النواحي الطبية شهدت تطوراً ثورياً وصل إلى حد إيجاد علاجات لأمراض مستعصية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد