أنين لاجئ

وها أنا هنا اليوم بين نهر الألب وبحيرة السترا أبحث عن شمس، عن دفء يشبه بلدي.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/09 الساعة 05:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/09 الساعة 05:34 بتوقيت غرينتش

بلادي.. بلاد الحضارات والثقافات والأديان كانت مسكونة بالحب ودافئة دفء الحنين، هبت الآلام والأعاصير مصحوبةً بأمطار من رصاص وبنظام يلقي القذائف والبراميل، لا يميز بين طفل وكبير.

هي بلدي سوريا، التي سميت فيها باسم أحمد، اسم سيد المرسلين محمد، الذي كانت رسالته الإسلام، وهي رسالة السلام لكل العالمين.

درست في بلدي الإعلام، وهي مهنة المتاعب ومهنة الصعاب، أحببت الياسمين في بلدي وأصوات العصافير وهواءها النقي وجبلها الشامخ قاسيون.

لكن الحرب، وقلمي الحزين أبعدني عنها بعد معاناة طويلة قبل الفراق، معاناة عاشق يترك حبيبته، وهي تنزف دماً، ولا يستطيع أن يوقف نزيفها، إلا بقلم مقيد بأنظمة وقوانين وضعت لمراقبته، وليكتب في زنزانة كل ما يمليه عليه الشياطين.

وها أنا هنا اليوم بين نهر الألب وبحيرة السترا أبحث عن شمس، عن دفء يشبه بلدي.

أبحث عن ياسمينة دمشقية تؤنس وحدتي وغربتي التي قهرت أحلامي ومشاريعي ومستقبلي؛ لأقف عاجزاً بين لغة الضاد واللغة الألمانية، بين بحر الحروف وبين حزورة اسمها الأرتكل، بين قصيدة عاشق وبين مدرس؛ لأفهم منه أي شيء سوى ya وnein، هل وقفت الحياة أمامي في هذه القارة العجوز أم أن القدر أراد بي أن أكون هنا لأكون صداقات جديدة كلها رجال؟! وتبتعد النسوة عني، لا أعرف لم يبتعدن وأنا الشاعر الذي وصف النساء بشعره، وأنا الذي يحتاج لامرأة لأكتب عن مفاتن تلك المرأة ذات العينين الزرقاوين والشعر الأشقر؟!

تراودني أسئلة كثيرة لا أعرف جواباً منطقياً عن أسئلتي، أولها كيف لي أن أندمج بهذا المجتمع الغربي؟ ومَن سيساعدني على ذلك؟ ومَن سيشجعني على المضي قدماً؟

وأنا أرى كل يوم قوانين تمنعني من التنقل وتقيّد حريتي التي خرجت من وطني لأجلها.

كيف سمّيت هذه القارة بأرض الأحرار وأنا هنا مقيد لا أستطيع أن أتنقل من ولاية لأخرى؟
كيف لي أن أختلط بين الناس وأشاركهم مناسباتهم وأنا أخشى أن يصفوني ويتهموني بالتحرش لأنني تواجدت في تلك المناسبة؟!
كيف الاندماج وأنتم قيّدتم حريتي؟! كيف؟ أخبروني.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد