أي بديل برموز الفشل؟

فالأستاذ لزهر العكرمي المحامي والسياسي البارز كان قد شغل في مناسبتين خطة وزارية في حكومة الباجي قائد السبسي وحكومة الحبيب الصيد التي تلت انتخابات 2014 بعد فوز حزب نداء تونس الذي كان العكرمي أبرز مؤسسيه، بل وأعمدة تكوينه -حسب العكرمي نفسه- ثم سرعان ما كان أول المغادرين؛ ليلتحق بمجموعة مشروع تونس لصاحبها محسن مرزوق.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/26 الساعة 04:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/26 الساعة 04:44 بتوقيت غرينتش

خرج علينا رئيس الحكومة السابق بصورة خلناها الأمل المنشود للبلاد بحزب اختار له البديل كاسم، والشباب كرمز لهذا البديل.

وقد تميز هذا المشروع منذ خطواته الأولى بهيمنة الشباب على أنشطته وتحركاته وحتى مراكز قيادته، مما كرس أكثر فكرة "البديل" لدى المهتم بالشأن السياسي في تونس، خاصة مع هيمنة نخبة سياسية هرمة لا تحمل سوى صراعات الماضي بأحقاده وضغائنه على المشهد العام في البلاد، مما كان سبباً في تراكم الفشل في المجال الاجتماعي والاقتصادي، نتيجة احتكار السياسة لتصفية الحسابات، لا لإعادة بناء ما قد هدم في السنوات الأخيرة.

الواقع السياسي اليوم في تونس يتميز بانشغال تام من طرف النخبة السياسية عن المشاكل الحقيقة في البلاد من بطالة وفقر وتدهور لجميع المؤشرات الاقتصادية، واقتصر الأمر على محاصصات في مؤسسات الدولة وتجاذبات حادة على مفاتيح الحكم، وهذا ما أكده المهدي جمعة، رئيس حزب البديل، في حواراته الأخيرة، إلا أنه أغفل على ما يبدو وهو يرحب بانتداباته الجديدة بأن ما يميز هذه الأسماء هي انتماؤها لنفس النخبة التي كرست، ولا تزال، في كل مسببات الفشل.

فالأستاذ لزهر العكرمي المحامي والسياسي البارز كان قد شغل في مناسبتين خطة وزارية في حكومة الباجي قائد السبسي وحكومة الحبيب الصيد التي تلت انتخابات 2014 بعد فوز حزب نداء تونس الذي كان العكرمي أبرز مؤسسيه، بل وأعمدة تكوينه -حسب العكرمي نفسه- ثم سرعان ما كان أول المغادرين؛ ليلتحق بمجموعة مشروع تونس لصاحبها محسن مرزوق.

المشهد السياسي اليوم في حاجة ماسة إلى من يقلب المعادلة الموجودة بقطبيها المتوافقين باختراق نخبة بن علي بنظامها ومعارضتها بوجوه جديدة بعيدة عن الصراع القديم، وأساليبه ومسبباته بجيل سياسي بديل، كما شرع المهدي جمعة في رسمه قائماً على نقيض رموز نخبتنا الحالية، نخبة يبدو أن صراعات الماضي البعيد لا تزال أحد محركات تفاعلها فيما بينها، وهو ما يجعلها في قطيعة عامة مع متطلبات الشعب الذي أنجب ثورة الشغل والحرية والكرامة الوطنية، وهذا يفسر عزوف شريحة الشباب في انتخابات 2014 عن التصويت، بل وسيتأكد ذلك في كل المحطات الانتخابية، وقد يهددها بالفشل، إلا إذا تصالحت السياسة مع الشباب الذي يمثل مستقبل البلاد، وذلك عبر دمجه وتشجيعه لاختراق المشهد الحالي.

التحاق من لم يجد مكاناً في منظومة الحكم الحالية بمشروع المهدي جمعة قد يكون أول مسمار يدق في نعش "البديل" المنشود، وستكشف الأيام القادمة عن قدرة البديل على الصمود أمام هيمنة منظومة بن علي على العقل السياسي التونسي.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد