على نمط المسرح العبثي الفرنسي وعلى خطى فلاديمير وإيستراغون بطلي مسرحية صامويل بيكيت "في انتظار غودو"، يسير الليبيون ببطء شديد وبلذة الانتظار المصحوب بشيء من الكسل تجاه واقع الأزمة في البلاد.
إذا استوقفت شاباً أو شابة ليبية في الشارع وسألته/ها: ما رأيكم في الأزمة ببلادكم وفي المجموعات المسلحة وفي الأوضاع المعيشية الصعبة ونقص السيولة وتمرد الساسة وعنترة محافظ بنك ليبيا المركزي… سيجيبونك مستسلمين: "ربي يفرج أحسن شيء".
أليس هذا هو الرد الأمثل الذي سعى اليه ألبير كامو حين أسس مسرح العبث، الذي قام على أساس تصوير مدى استسلامنا نحن كأشخاص لواقع الحياة.
أليس هذا الاستسلام الليبي لمجموعة من الساسة والعسكريين ومجموعة مرتدي البدل الفاخرة من الأمم المتحدة وإيطاليا وفرنسا.. إلخ- هو نفسه استسلام فلاديمير وإيستراغون للصبي الذي كان يأتيهما كل فترة ليصبّرهما بأن غودو سوف يأتي قريباً.
وها هم -كالصبي في مسريحة بيكيت- الساسة الليبيون والأمم المتحدة والدول الغربية يأتون بخطة جديدة كل يوم، مرة في الصخيرات المغربية، ومرة بالمدن الليبية، ومرة في تونس، ومرة بباريس، وأخرى في روما؛ لكي يصبّروا الشعب الليبي بأن الفرج والحل (غودو) سوف يأتي. أو ربما لا يأتي، فنحن في النهاية بمسرح عبثي نفعل ما نشاء من دون عقاب!
والدليل على عبثية ردود فعل الشعب الليبي على الذي يحصل في بلدهم الآن، هو تصديقهم وتشبثهم بأي حلٍّ مهما كان خرافياً أو سريالياً. فتارة يتجمعون في الساحات من أجل "تغيير الواقع" بسبب دعوات فيسبوكية من رجل أعمال ليبيي في سويسرا، وتارة أخرى يجلسون خلف شاشة التلفاز يشاهدون التوسع العسكري في بلادهم من قبل ميليشيات يقودها؛ إما اشخاص طامعون في مناصب وسلطة وإما أشخاص مؤدلَجون دينياً أيضاً طامعون في مناصب وسلطة.
فهل ستدرك -أيها الشعب- أنه لا يوجد توقيت لكي تأخذ القرار أفضل من الآن، والتأجيل لن ينفع، أم أنك ستظل متمسكاً باللاحركة وبالانتظار، الذي ستكون نهايته ليست عبثية وإنما كارثية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.