حرب مصالح بين المغرب وموريتانيا تؤجج حرب المواقع حول بوابة إفريقيا

سبق أن أشرنا في تحاليل سابقة إلى أن جوهر الصراع في منطقتنا سيكون اقتصادياً بالدرجة الأولى، يعتمد فيه كل من المغرب والجزائر وموريتانيا على نزاع الصحراء كأداة سياسية يتم استخدامها من أجل تكريس النفوذ وتعزيز المواقع.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/28 الساعة 03:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/28 الساعة 03:32 بتوقيت غرينتش

سبق أن أشرنا في تحاليل سابقة إلى أن جوهر الصراع في منطقتنا سيكون اقتصادياً بالدرجة الأولى، يعتمد فيه كل من المغرب والجزائر وموريتانيا على نزاع الصحراء كأداة سياسية يتم استخدامها من أجل تكريس النفوذ وتعزيز المواقع.

إلا أن الجميع استهان بموريتانيا كدولة محورية في حرب المواقع، وظل التركيز منحصراً على الصراع المغربي – الجزائري حول من سيكون بوابة إفريقيا الاقتصادية؟ وانعكاسات مشكل الصحراء على هذا الصراع.

إن موريتانيا الحيادية، وضعف قدراتها الاقتصادية، وأهمية المغرب كمورد مهم للتجارة الموريتانية، واعتبارها محمية فرنسية، كلها عوامل جعلت القائمين على رسم معالم السياسة الخارجية في المغرب، يغفلون الدور السلبي الذي يمكن أن تلعبه هذه الدولة على مصالح المغرب، إذا ما تضررت من اتساع وامتداد النفوذ المغربي.

نعم إنه صراع المصالح الذي يحكم التحالفات ويحدد المواقع ويدير التموقعات.

لكن ما يثير الاستغراب هو لماذا لم يتوقع الساسة المغاربة الأثر السلبي لمشروعهم في بناء ميناء الداخلة الأطلسي على مصالح موريتانيا الاقتصادية؟!

إن بناء ميناء من هذا الحجم على بعض كيلومترات من ميناء انواذيبو، القلب النابض للاقتصاد الموريتاني الضعيف أصلاً، كان كافياً لتعيد موريتانيا رسم تحالفاتها، وتحدد موقعاً جديداً لها في صراع النفوذ بالمنطقة، وتتموقع في قلب صراع الصحراء بحكم حدودها الشاسعة مع الإقليم المتنازع عليه، ودورها التاريخي باعتبارها طرفاً في اتفاقية مدريد الذي أوكل لها إدارة إقليم وادي الذهب.

ومن أبرز تمظهرات هذه الحرب هي أزمة الكركرات، التي كانت رسالة واضحة من موريتانيا بأن قواعد اللعبة ستتغير، وقد كانت الاتفاقية التي وقعتها مع الجزائر من أجل افتتاح المعبر البري بين البلدين المحاذي للصحراء، مؤشر لبديل محتمل عن معبر الكركرات الحدودي.

في ظل الحديث اليوم عن افتتاح وشيك للمعبر الحدودي الموريتاني – الجزائري، الذي سيجعل الجزائر جسراً برياً محورياً بين أوروبا وإفريقيا، وبديلاً تجارياً لموريتانيا عن المغرب، مما سيجعل هذه الأخيرة توظف القوات الأممية والبوليساريو كحواجز أمام استغلالها كمعبر للنفوذ المغربي في إفريقيا، وبالتالي إغلاق معبر الكركرات، والقضاء على حلم ميناء الداخلة المتوسطي، مما سينعش ميناء انواذييو كواجهة بحرية أولى لإفريقيا بالمحيط الأطلسي، ينضاف إليه رواج اقتصادي وتجاري لولاية تيرس زمور الشمالية.

وفق هذا السيناريو ستصطف موريتانيا إلى جانب المحور الجزائري في نزاع الصحراء، لكن ليس تبعية هذه المرة، بقدر ما هو ترسيخ لموقع محوري لها في الصراع الاقتصادي وحرب النفوذ في المنطقة.

فهل ستتخلى موريتانيا عن حيادها بخصوص الصراع حول الصحراء؟ خاصة أن موقع منطقة وادي الذهب التي كانت تخضع للإدارة الموريتانية يعد سبباً رئيسياً في الخلاف المغربي – الموريتاني.

وبالمقابل هل سيعي الساسة المغاربة حجم وخطورة استهانتهم بحجم وقدرة موريتانيا كفاعل في المنطقة؟
سيبقى هذا سؤالاً مفتوحاً بالطبع.

أما عن دور البوليساريو وما يمكن أن تحققه من مكاسب في ظل حرب المواقع والمصالح الجديدة، وهل يكرر بعض المسؤولين المغاربة نفس أخطائهم التقديرية لموقع وقدرة موريتانيا، مع العنصر الصحراوي كفاعل في النزاع، باعتباره عنصراً متجاوزاً في الصراع؟

وإن كانت الإجابة عن هذه الإشكالات مجتمعة يلخصها المثل الحساني القائل: "تحكر العين العود اللي يطرفها".

رغم ذلك انتظرونا مع المقال القادم الذي سيتطرق لهذه الإشكاليات، إن شاء الله.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد