قمة اللاجئين.. ماذا قدمت؟!

لذا، فإن هناك حاجة ملحة، ليس لمنتدى للنقاش فحسب، بل لتحرك عالمي، إلى إطار عمل للاستجابة للاجئين، الذي تم اعتماده ضمن مؤتمر القمة، والذي يؤكد بقوة سريان اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وهو الذي بعث برسالة هامة إلى الدول الأعضاء التي استجابت لتدفّق طالبي اللجوء بإقامة الأسلاك الشائكة على حدودها لمنع وصول اللاجئين!

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/11 الساعة 03:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/11 الساعة 03:24 بتوقيت غرينتش

قرابة 65 مليون شخص أُرغموا على النزوح قسراً من أوطانهم في مختلف أرجاء العالم.
ومن المؤسف أن العالم قد أدار ظهره لهم، وبدلاً من أن تبادر الدول ببناء الجسور، تشيد الكثير منها الجدران والأسوار.

وهكذا، إلى أن أتت قمة الأمم المتحدة في وقت حساس بدأت فيه الحكومات تضيق ذرعاً بالهجرة وتتملص من مسؤولياتها تجاه اللاجئين.
تدفع السياسات المحكوم عليها بالفشل مثل اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا المهاجرين واللاجئين إلى استخدام طرق أكثر خطورة، وقد تسببت حتى هذا الوقت من عام 2015 في مصرع الآلاف من الاشخاص على مستوى العالم.

لذا، فإن هناك حاجة ملحة، ليس لمنتدى للنقاش فحسب، بل لتحرك عالمي، إلى إطار عمل للاستجابة للاجئين، الذي تم اعتماده ضمن مؤتمر القمة، والذي يؤكد بقوة سريان اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وهو الذي بعث برسالة هامة إلى الدول الأعضاء التي استجابت لتدفّق طالبي اللجوء بإقامة الأسلاك الشائكة على حدودها لمنع وصول اللاجئين!

غير أن إطار العمل هذا يفتقر إلى خطة ملموسة تلزم الحكومات بالتحرك لمعالجة القضية.

إن من حق اللاجئين والمهاجرين أن تتم استشارتهم، وأن يعطوا الفرصة للمشاركة في القرارات المتعلقة بالسياسات التي تؤثر على حياتهم بصورة مباشرة.

وحقيقة أنه لم تتم دعوتهم للمشاركة في عملية التفاوض التي سبقت القمة، بعدما انصب كثير من التركيز على قمة الأمم المتحدة بشأن اللاجئين والمهاجرين على كيفية تغييرها أو عدم تغييرها لأحوال اللاجئين، وتناوب وزراء من كل دولة من الدول الأعضاء الدعوة إلى المزيد من تقاسم المسؤولية عن اللاجئين، والمزيد من الحقوق للمهاجرين، والمزيد من فرص التعليم للأطفال اللاجئين، والمزيد من التمويل للمساعدة الإنسانية.

وأعلن عدد قليل من البلدان عن توفير أماكن إضافية لإعادة التوطين وفرص المنح الدراسية، ومبادرات جديدة لفتح أسواق العمل أمام اللاجئين والمهاجرين.

ولكن لم تكن هناك تحديات كبيرة للوضع الراهن، وكان أكبر أمل خلقه مؤتمر القمة هو إمكانية حدوث تغيير أكثر جوهرية بعد عامين آخرين، عندما يحين موعد اعتماد اثنين من المواثيق العالمية؛ أحدهما يتعلق باللاجئين والآخر بالهجرة.

فمن خلال إعلان نيويورك الصادر عن مؤتمر القمة، الذي التزمت به الدول البالغ عددها 193 دولة، بشأن اللاجئين والمهاجرين، بالحاجة إلى اتباع نهج شامل إزاء التنقل البشري وتعزيز التعاون على الصعيد العالمي.

والتزمت بما يلي:
حماية سلامة وكرامة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المهاجرين، بصرف النظر عن وضعهم في دول الهجرة، وفي جميع الأوقات.
دعم البلدان التي تنقذ وتقبل وتستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين والمهاجرين.
إدماج المهاجرين – تلبية احتياجاتهم وتنمية قدراتهم فضلاً عن احتياجات المجتمعات المحلية المستقبلة – في أطر المساعدة الإنسانية والإنمائية.

مكافحة العنصرية، والتمييز ضد جميع المهاجرين من خلال عملية تقودها الدولة.
تعزيز الإدارة العالمية للهجرة، بما في ذلك من خلال جلب المنظمة الدولية للهجرة إلى أسرة الأمم المتحدة ومن خلال وضع ميثاق عالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة.

ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهي وكالة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين، فإن تبني إعلان نيويورك من قِبل 193 دولة عضو يُعد إنجازاً تاريخياً.

وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: إن هذا الإعلان يمثل "التزاماً سياسياً لم يسبق له مثيل من حيث القوة والصدى"، ومن شأنه أن يملأ "فجوة دائمة في النظام الدولي لحماية اللاجئين، وهي المتعلقة بتقاسم حقيقي للمسؤولية عن اللاجئين".

ومع أنه لم يوافق سوى عدد قليل من المعلقين على هذا التقييم، فإن معظمهم امتدحوا على الأقل حقيقة أن قادة العالم قد عقدوا مؤتمراً على أعلى مستوى للحديث عن اللاجئين والمهاجرين. ولكنه أيضاً بمثابة فرصة ضائعة إلى حد كبير؛ لأنه أرجأ إصلاحات نظام اللجوء العالمي المطلوب إصلاحه على وجه السرعة.

من تقييمي ومن ما رأيته من هذا المؤتمر أنه أوحى للجميع هو أننا يمكن أن نمتلك الإيمان الأعمى بأن الإعلان سيؤدي تلقائياً إلى اثنين من المواثيق العالمية، مما سيؤدي تلقائياً إلى تغيير تشغيلي من خلال خطط استجابة شاملة.

لكن لماذا نحتاج إلى مثل هذا الطريق الملتوي للوصول إلى ما نريد؟

وكان ينبغي أن نبحث عن تلك الحلول بشكل مباشر ضمن المؤتمر، ولكن ليس هناك شك في أن هذه القمة لم تقدم لنا الحلول التي يحتاج إليها العالم على الفور، ولكنها وضعت شيئاً على الورق يمكننا رفعه في وجه الحكومات واستخدامه للضغط عليها.

وفي حين سيتم تطوير الاتفاقَين في غضون العامين المقبلين من خلال عملية لا تزال حتى الآن غير واضحة، السؤال هو: كيف سيختلف عن الاستجابة المعتادة؟
وتساءل أيضاً جيف كريسب، رئيس السياسة السابق في المفوضية، أيضاً عما إذا كان الإطار يمثل نهجاً جديداً إلى حد كبير، قائلاً: "إنه في الأساس توليفة من الأفكار الموجودة بالفعل: بعضها جديد نسبياً، مثل تلبية احتياجات المجتمعات المضيفة منذ بداية حالة الطوارئ المتعلقة باللاجئين، وبعضها من الأفكار التي كانت مطروحة لفترة طويلة جداً، مثل ضمان مشاركة منظمات التنمية".

لكن ماذا ستفعل عملية التفاوض حول هذا الاتفاق للمهاجرين ولحماية حقوقهم؟ وكيف يمكن أن تتأثر المفاوضات حول الاتفاق بالنتيجة الأخرى للقمة؟
لا تزال هذه الأسئلة حتى يومنا هذا بلا إجابة. ونتيجة لذلك، فإن الأهداف المعلنة للاتفاق العالمي، والمشار إليها في إعلان نيويورك، تتسم بالطموح واتساع النطاق، ولكنها أيضاً غامضة وتفتقر إلى مؤشرات بشأن التنفيذ.

فعلى سبيل المثال، تنص الأهداف على أن اتفاق الهجرة سيتناول الهجرة الدولية "بكل أبعادها" و"سيتصدى لجميع جوانب الهجرة الدولية، بما في ذلك الجوانب الإنسانية والتنموية والمتعلقة بحقوق الإنسان وغيرها من جوانب الهجرة".

ولكن الهجرة تأتي بأشكال عديدة، والتدابير اللازمة لضمان حقوق المهاجرين تعتمد على ظروفهم. ففي حين يواجه المهاجرون الذين يسافرون أو يعملون بطرق غير مقننة مخاطر معينة، يعتبر المهاجرون بشكل قانوني أقل عرضة للخطر. وقد يكون التركيز على جعل الهجرة "آمنة ومنظمة ومقننة" كافياً لضمان استفادة الدول من الهجرة، ولكنه ليس كافياً لحماية حتى العمال المهاجرين النظاميين، على سبيل المثال، من الاستغلال على أيدي أصحاب الأعمال عديمي الضمير.

وفي حين التزمت الدول في نيويورك بتوفير "الحماية الكاملة لحقوق الإنسان لجميع اللاجئين والمهاجرين، بغض النظر عن وضعهم"، فإن الإعلان يكشف عن عدم الرغبة في العمل بشكل جماعي لضمان احترام حقوق جميع المهاجرين في الممارسة العملية.

على سبيل المثال، لا يلتزم الإعلان بإنهاء احتجاز الأطفال المهاجرين. وعندما تقول دول إنها سوف تحمي حقوق جميع المهاجرين، ما ينبغي أن يعنيه ذلك أنها ستعمل على تطوير إطار لإدماج القانون الدولي لحقوق الإنسان في القوانين الوطنية والسياسة والممارسة الخاصة بهم، بطريقة تتناول صراحة تطبيقها على المهاجرين.

وتجدر الإشارة إلى أن عملية اتفاق الهجرة العالمي تمثل الجولة الأحدث في سلسلة من الجهود الممتدة على مدار أكثر من عقد من الزمن لجعل الإدارة العالمية للهجرة أكثر شمولاً وفاعلية.

ومنذ مطلع العقد الأول من هذا القرن، كان هناك اهتمام متزايد بالتعاون الدولي وإدارة الهجرة، ولكن هذا الاهتمام كان يجذب دائماً في اتجاهين مختلفين بأولويات مختلفة جذرياً.

وتخشى جماعات الدفاع عن حقوق المهاجرين من أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان سوف تستبدل كأساس لحماية المهاجرين وتحل محلها مبادئ توجيهية طوعية وغير ملزمة، وما أسماه وليام سوينغ المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة "حماية عملية"، تترسخ في نهج إدارة الهجرة الذي تفضله بعض الدول الأعضاء. ولكن إذا كانت الدول وأصحاب المصلحة الآخرون يريدون حقاً اتفاقاً عالمياً يتصدى للهجرة الدولية "بكل أبعادها"، فإن عليهم أن يظلوا ملتزمين بميثاق ومعايير الأمم المتحدة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد