"أنا لا أتحدث عن الشعب القطري أنا أتحدث عن الحكومة التي تزرع الفتنة بيننا أما الشعب القطري فأنا من حرصي عليه أتكلم في سياسة دولته".
"أخي.. أنت تتحدث باسم حكومتك وحكومتك تمثلك وهذا من حقك وأيضا من حقي أن أقول لك عندما تتحدّث عن حكومتنا فأنت تتحدث عني وعن كل مواطن فهي تمثلّنا وجزء منّا، لذلك دع عنك الهجوم فمواضيعك قبل هذه الأزمة أفضل وأرقى من ذلك".
كان هذا نقاش دار بيني وبين أحد الناشطين من دول الحصار في مواقع التواصل الاجتماعي خلال حملاتهم التي كثرت من حيث الجُرأة والتعدّي على قطر في الآونة الأخيرة.
من وجهة نظره هو يرى مصلحتنا في حديثه!
لكن مَن هم الواهِمون بالمصلحة؟
لنتحدث عن مصلحة سياسة الدول المحاصرة الخاصة بها بعيداً قليلا عن الشعوب:
المملكة العربية السعودية مصلحتها سيادية بالدرجة الأولى فلطالما ظنت أن دولة قطر تابعة لها، وحين رأت الدور القطري بين الدول أزعجها جدا ذلك.
الإمارات العربية المتحدة مصلحتها اقتصادية فهي ترى الاقتصاد القطري متسارع في فرض احترامه بين الدول الغربية وصولاً إلى تنظيم كأس العالم 2022 الذي لو استفضتُ في الحديث عن موقفهم تجاهه لِمَا انتهيت.
مملكة البحرين، وما أدراك ما مملكة البحرين، فإلى الآن لم أَجِد مصلحة لها في ذلك سوى التبعيّة للسعوديّة.
أما مصر، فمشكلتها سياسية، فهي تعتبر جماعة الإخوان المسلمين الذين وصلوا للرئاسة المصرية عبر الصناديق جماعة إرهابية، في حين قطر لا تعتبرها كذلك، وجميع هذه الدول بلا شك تزعجهم قناة الجزيرة.
أيّتها الشعوب المدافعة في الخطوط الأولى من التّماس في هذه الدول جميعاً والدول الخليجية خصوصاً ما مصلحتكم في ذلك؟!
لنقترب كثيراً من الشعوب التي تقع ضحية كل هذه المصالح المختلفة.
من حق الشعوب أن تحترم قياداتها وتقف معها في حق تفهمه، وفِي ظلم تعرفه لن أقول يجب عليها أن تواجهه أو حتى تنصح له؛ لأن ذلك لم يعد بمقدرة أحد في هذا الزمان، لكن من حق نفسك عليك ومن حق وحدتنا كشعوب خليجية تربطنا رابطة الدم والعرق والدين أن لا تفرّق بيننا في مواقف تسجلها لحكومتك ضد حكومة أُخرى تمثل شعباً ملتفاً حولها في أمور ستعرف لاحقاً حين تتبين لك الوقائع أنك أخطأت في مواقفك تلك.
وتظن من كل ذلك أنك تتحدث في مصلحتنا جميعاً.
قد تكون من مصلحة حكومتك في الوقت الراهن لكن في سياسات الدول تتغير المصالح سريعاً وستمر هذه الأزمة؛ لأنها لا بد أن تنتهي إن عاجلاً أو آجلاً.
لحظة! هي ستمر لكن هل تعتقد أن ما أحدثته تلك الشعوب في قلوب شعبٍ بأكمله سيمر مرور الكرام؟
هذه الأزمة ليست كسابقتها فهي لم تدع مجالاً للكرم في وقت يكثر فيه الهجوم من شعوب الدول المحاصرة أو سمِّها شعوب الحصار؛ لأنها تجاوزت تصريحات دولها الباحثة أصلاً عن مصلحتها في المقام الأول، فهي لم تفكر في شعوبها حين قررت أن تُحدث هذه القطيعة والشرخ الكبير بيننا.
هؤلاء هم الواهمون بالمصلحة، ظنّوا فوُهِموا فتحدثوا بالمصلحة.
هناك بالطبع من لم يتحدث بخير أو شر من هذه الشعوب عن الأزمة وقرر الصمت نحترمه جداً، فذلك أضعف الإيمان بالبيت الخليجي.
أكملتُ حديثي مع هذا الناشط الخليجي: رجاءاً لا تزد من حجم هذا الشرخ بحديثك هذا فخليجنا واحد كان ولا بد أن يبقى.
ردّ قائلاً: أكرر احترامي للشعب القطري لكن أنتم مغيبون، وأنا من واجبي أن أنصحكم.
أنهيتُ النقاش: ستمر هذه الأزمة حتماً، لكن لن يمر كلامك المستمر إثرها، وسألقاك يوماً ما وأُذكّرك بما نصحت لك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.