مَن هو الإرهابي؟

الفكرة الأكثر رواجاً عالمياً في الحرب على ما يسمى "الإرهاب": أن ثورات الربيع العربي كانت مطيّة لجماعات راديكالية ركبت قطار الثورات الشبابية لتحقيق مآربها وعليه لا بد من القضاء على أُس المشكلة "ثورات الربيع العربي"، ولأن الثورات كانت سلمية فكان لا بد من شيطنتها لإيجاد مبرر لإعلان الحرب عليها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/22 الساعة 03:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/22 الساعة 03:28 بتوقيت غرينتش

أميركا تنهي برنامج "تسليح المعارضة السورية"… هذا الخبر.

وما وراءه: أن أميركا تسمح لفصائل تسميها (إرهابية) بالتمدد في المناطق المحررة على حساب فصائل توصف بـ(المعتدلة).

الفكرة الأكثر رواجاً عالمياً في الحرب على ما يسمى "الإرهاب": أن ثورات الربيع العربي كانت مطيّة لجماعات راديكالية ركبت قطار الثورات الشبابية لتحقيق مآربها وعليه لا بد من القضاء على أُس المشكلة "ثورات الربيع العربي"، ولأن الثورات كانت سلمية فكان لا بد من شيطنتها لإيجاد مبرر لإعلان الحرب عليها.
بدأت القصة من سجن صيدنايا، لكنها لم تنتهِ عند قمة الرياض.

في إشكالية الحرب على ما يسمى بـ"الإرهاب" هناك تحديان، إن سلمنا جدلاً بصفاء نية أصحاب القرار إعادة الاستقرار:

الأول: الاستفادة من الفكر الجمعي لدى جيل الثورة، بإحداث تغيير والاستثمار الصحيح في هذا الفكر للنهوض بالمجتمع بشكل "مقنن".

الثاني: كيفية الالتفاف على الجماعات الراديكالية لمنعها من استغلال الفكر الجمعي لدى الشباب، والمتمثل في الاحتقان الذي تأصل في عقولهم من نية أصحاب القرار في العالم العربي العودة بعقارب الزمن لما قبل حقبة "البوعزيزي".

حتى الآن الحرب على ما يسمى بـ"الإرهاب" لم تتعدّ مرحلة "طواحين الهواء" ولَم تصل إلى حرب حقيقية حرب فكر بفكر لم يعلُ صوت على صوت البندقية وقد لا يعلو في المدى المنظور.

المتابع عن كثب يستطيع الجزم أن أصحاب اتخاذ القرار في الحرب على ما يسمى بـ"الإرهاب" فشلوا كما الجماعات الراديكالية في احتواء فورة الشباب "الثوري" وما حالة الاحتقان المتفشية في دول الربيع العربي سوى دليل صارخ على ذلك.

عوداً على ذي بدء تبدو الحالة السورية نموذجاً صارخاً لحالة التخبط التي يعيشها العالم، وسيكذبك مَن يقول: "إنها مؤامرة حيكت بليل" هي ليست مؤامرة بقدر ما هي لحظة ضياع فارقة في تاريخ العالم خرجت من يد الجميع سيصعب احتواؤها قريباً.

يتلقف العالم اليوم مقولة نظام دمشق الأولى: (حربنا هي حرب على الإرهاب) علّها تكون المخلص من هذا النفق تشترك كل عواصم القرار في تبنيها إدلب، مثال دير الزور كذلك ومن قبلهما الرقة؛ ليبقى طوق دمشق وحالة العاصمة الخاصة خارج معادلة "الشيطنة" لا لأن ثوارها ليسوا شياطين، بل لأن موعد شيطنتهم لم يحِن بعد.

في درعا الموضوع مختلف قليلاً لاعتبارات كثيرة منها المملكة الهاشمية ولامتصاص امتعاض الأخيرة لن تشيطن الثورة هناك وسيكتفى بإرسال شرطة (احتلال) روسية بدأت طلائعها بالوصول إلى نوى.

وشرطة الاحتلال الروسي هذه مؤشر (صحي) على أن هذه المنطقة لن تكون ضمن نطاق العمليات العسكرية العالمية في الحرب على الإرهاب التي بدأت رائحتها تشتم من إدلب، وما تسليم معبر باب الهوى لإدارة مدنية وتصفية ما تبقى من حركة أحرار الشام المصنفة إرهابياً لصالح جماعة صنفت أشد إرهاباً (جبهة النصرة) إلا بعض من إرهاصاتها.

وإدلب هذه حكاية بذاتها تُختزل فيها كل انتصارات الثورة وكبواتها، أريد لها أن تكون قندهار سوريا وخزاناً "لجهادييها"، إرادة يبدو لمراقب "نيوتن" أنها تتكسر أمام صخور معرة النعمان وكفرنبل سراقب وغيرها من كبريات المدن التي تصر على سلمية الثورة.

العالم يعول في حربه على (الإرهاب) في سوريا على تململ الشارع الثوري من كل الحركات الراديكالية، لكنه ينسى أو يتناسى أن الثورة في سوريا لم تخرج في شرارتها الأولى ضد الجماعات الراديكالية -التي لم تكن موجودة أصلاً- بل خرجت في وجه نظام قمعي، الشارع خرج لنَيل حريته بمعناها الأشمل "الحرية بلا أي قيد".

ما زال السوري يعتقد أن رأس الإرهاب يتمثل في رأس النظام، وأي حرب يريدها العالم على الإرهاب لن تتحقق بشيطنة الثورة، بل بالقضاء على الشيطان الأكبر القابع في قاسيون "بشار الأسد".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد