عندما أنصَفَنا الصهاينة

كما أنه يندر أن تجد تلك الأقلام الصفراء أو الكتاب تحت الطلب، كما هو حال الصحافة الصفراء المزدهرة في كافة بلداننا العربية، والذي تابع منكم صحافة اليهود اليومين الفائتين، يستشف بسهولة فحوى ادعائي، والتأكد من ذلك سهل للغاية، فقط ابحث على محرك "جوجل" كما فعلت أنا وكما أفعل دائماً، خاصة فيما يتعلق بآراء الصحافة الصهيونية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/03 الساعة 02:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/03 الساعة 02:58 بتوقيت غرينتش

هناك العديد من القنوات اليهودية التليفزيونية والإذاعية داخل دولة الكيان الصهيوني، وهي تتمتع بحرية تعبير عالية جداً، وربما أنك لن تجد قناة أو إذاعة واحدة تتبع حزباً أو جهة معينة هذا غير حكومة الاحتلال ورئيسها.

كما أنه يندر أن تجد تلك الأقلام الصفراء أو الكتاب تحت الطلب، كما هو حال الصحافة الصفراء المزدهرة في كافة بلداننا العربية، والذي تابع منكم صحافة اليهود اليومين الفائتين، يستشف بسهولة فحوى ادعائي، والتأكد من ذلك سهل للغاية، فقط ابحث على محرك "جوجل" كما فعلت أنا وكما أفعل دائماً، خاصة فيما يتعلق بآراء الصحافة الصهيونية.

بات الآن لا يخفى على أحد تقريباً أن الصحافة الصهيونية بشكل عام انتقدت القاتل "زيف" كما بات يُشار إليه، والذي أردى أردنيين اثنين بدم بارد فيما بات يعرف بحادثة السفارة الإسرائيلية بعمّان، فزيف المجرم هذا لم يكن بحالة دفاع، كما ذكر الرسميون الأردنيون وصحافتهم الصفراء وإعلامهم الركيك التابع للسلطات، بل كان في حالة هجوم وتعدّ حين أطلق على الطفل الأردني الجواودة رصاصتين، أصابت إحداهما ذراعه والأخرى رقبته، ولو أنه كان في حالة دفاع أو بوضع مماثل كون الضحية "صبيّ نجار" ويقوم بتركيب غرفة نوم، لأطلق رصاصة تحذيرية في الهواء مثلاً، أو على أكثر تقدير أن يصيبه في غير مقتل، فالمجرم وهاتان الرصاصتان قصد أن يصيبه من خلالهما في مقتل، لا بل وأن يؤكد على تلك الإصابة بإطلاقه رصاصتين، طبعاً هذا تحليل أوجده الصحفيون الصهاينة على صفحات "هآرتس" صبيحة اليوم.

كما أن الغموض ما زال يلف مقتل صاحب الشقة التي تمت بداخلها الجريمة "د. حمارنة"، فالهجوم بِمَفك براغي كما ادعى القاتل لا يستدعي قتل اثنين، ولا بأي حال من الأحوال، ولا يوجد لا خبير أمني ولا خبير عسكري ولا خبير شُرَطي ولا خبير جنائي، ولا حتى خبير نفسي، وأوجد للحظة ولو تفسير منطقي واحد لردة فعل القاتل بأن أردى اثنين على أثر هجوم محتمل بمفك للبراغي! هذا تحليل يرجع لصحفي في "يديعوت أحرونوت".

كما أن المذيعة في القناة الثانية الصهيونية التي تناقل تحليلها العرب المقهورون على أمرهم خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة "فيس بوك" على نطاق واسع جداً؛ حيث قالت بأن "دافع المجرم زيف في جريمته هو دافع استعلائي بحت كما دائماً دوافع عسكريينا وسياسيينا تجاه المسلمين والعرب بشكل عام، وتابعت تقول إن الأدلة كثيرة وواضحة، وهي قتله لشخصين أعزلين، أحدهما برصاصتين في الذراع والرقبة مات فوراً على أثرهما، والثاني برصاصة من مسافة قريبة جداً اخترقت كليته واستقرت في عموده الفقري ليموت بعد ساعات قليلة في المستشفى،

والمكالمة الهاتفية التي سُرّب تسجيلها عمداً والتي دارت بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وكل من السفيرة لدينا في عمّان والقاتل، بينما كانا متجهين إلى جسر الملك حسين عائدين للبلد، وكذلك تسريب الاستقبال الحفيّ الذي يشبه استقبال الأبطال، والذي قام به نتنياهو للقاتل فور وصوله للبلد، وأيضاً تسريب بعض العبارات التي تفوه بها نتنياهو أثناء الاستقبال الحفيّ حين قال للقاتل: "تصرفت برباطة جأش، كان تصرفك مناسب جداً؛ لأنك تمثل دولة إسرائيل"، ثم تستطرد المذيعة قائلة: تصرف برباطة جأش حيال ماذا؟

حيال صبي نجار لم يُكمل السابعة عشر من عمره، وحيال طبيب أعزل هو صاحب الشقة أصلاً؟! ثم تسكت المذيعة برهة من الوقت، وتتابع قائلة: وهل يا رئيس الحكومة، القاتل تصرف تصرفاً مناسباً بقتله هذين المدنيين الأعزلين فقط لأنه يمثل دولة إسرائيل؟ هذا تصريح واضح من سيادتكم بأن دولتنا قاتلة مجرمة تقتل البشر والمواطنين العرب العزل الآمنين خارج حدودها؟!

حقيقة لا يتسع هذا المقال لاستعراض كل انتقادات الصحافة الصهيونية لجريمة السفارة، خاصة برامج التوك شو التي تعج بها القنوات التليفزيونية الصهيونية، والتي كانت بالغالب المطلق ضد ما فعله المجرم، والغريب أنه اتفقت قنوات كثيرة منها على أن دافع المجرم كان هو نظرة الاستعلاء والأنفة تجاه المواطن العربي حتى في بلده وعلى أرضه وبين ناسه وبحماية حكومته وشرطته وجيشه وزعيمه!

كما أن هذا المقال لا يتسع أبداً لاستعراض كل صور الدفاع التي روتها الروايات الرسمية، المتضاربة، العربية، المسلمة، النشمية، عن المجرم ولا حتى جزء بسيط منها، والتي مُنحت له رغم جريمته النكراء، ولا حتى تلك المبررات التي بررت السماح له بالهروب والعودة بكل يُسر وسهولة إلى حضن نتنياهو الدافئ، والعودة إلى حضن وقبلات حبيبته هناك على جبال حيفا المغتصبة ذات النسيم العليل، تلك المبررات التي كان أشهرها على لسان "المومني" وزير خارجية الأردن، حين قال إنه تم التعامل مع القضية بفروسية.

لم تتوقف الحكومة عن بث الترهات من قبيل أنه تم إرساء كل قواعد العدالة أثناء التعامل مع القضية! على لسان "الصفدي" وزير الخارجية، ولغيره أن الجاني كان في حالة دفاع عن نفسه ضد هجوم إجرامي هدد حياته، وأنه تم إبرام صفقة مع نتنياهو بشأن إزالة البوابات الإلكترونية عن مداخل المسجد الأقصى مقابل عودة الجاني والتي بطبيعة الحال قام بنفيها بنيامين نتنياهو بعد ساعات قليلة من التشدق بها.

لكن هذا المقال ربما يتسع تماماً لأن نشكر خلاله كل صهيوني مغتصب محتل قاتل متعجرف مجرم نذل جبان سمج نتن سارق لماء وغاز الفلسطينيين، أن نشكره على إنصافه لنا، ولإبقائه على ورقة التوت عالقةً على عورتنا، شكراً لكم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد