هل بدأ العد التنازلي لحكم الأحزاب الفاسدة في العراق؟

بعد أن احتلت أميركا العراقَ ثم غادرته، تركته نهباً للأعاصير الطائفية والأطماع الإقليمية وميليشيات الأحزاب المشاركة بالحكومة، ومن ثَم عصابات داعش الإجرامية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/31 الساعة 04:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/31 الساعة 04:06 بتوقيت غرينتش

بعد أن احتلت أميركا العراقَ ثم غادرته، تركته نهباً للأعاصير الطائفية والأطماع الإقليمية وميليشيات الأحزاب المشاركة بالحكومة، ومن ثَم عصابات داعش الإجرامية.

وبعد أن ضمنت الاتفاق النووي الإيراني وأبعدت مخاطره، عادت متسللة بأساليب ناعمة تارةً وحادة تارةً أخرى وحسب الظروف، فأنشأت قواعد عسكرية تزداد يوماً بعد يوم، ووضعت خطوطاً حمراء لا يحق للأحزاب الحاكمة أو ميليشياتها الوصول إلى أماكن محددة تعتبرها من مناطقها الحيوية المحرمة في العراق.

وسيأتي اليوم الذي تَعتبر فيه العراق كله من المجال الحيوي الأميركي، فبعد أن انتهت ولاية أوباما جاء الساكن الجديد للبيت الأبيض بنهج مغاير تماماً، ولكن بخطوات بطيئة حتى لا يفزع المنطقة بجعجعة لا مبرر لها.

وأخذ يعمل من خلف الستار وما زيارته إلى السعودية واجتماعه مع بعض قادة الدول الإسلامية إلا بداية لهذا النهج.

وربما مجيء رئيس الأركان الأردني إلى العراق لتنسيق الجهود العسكرية ومن ثَم رئيس الأركان السعودي هو جزء من المخطط الجديد.

ويبدو أن أميركا تريد سحب العراق من الهيمنة الإيرانية عن طريق الدول العربية المحيطة به لعقد اتفاقات عسكرية أولاً، ومن ثم أحلاف.

ويبدو أن إيران قد شعرت بهذا المخطط فطلبت بالمقابل من وزير الدفاع العراقي زيارة طهران لعقد اتفاقات عسكرية تضمن بقاء إيران في العراق لفترة أطول، وهكذا أصبح العراق بين جر أميركا من جهة وسحب إيران من جهة أخرى.

وفي الداخل العراقي نجد حراكاً مستمراً لا يمكن عزله عن الإملاءات والاشتراطات الأميركية.

فتحالف القوى السنية شهد فضيحة كبيرة إثر الخلاف بين أعضائه من مسؤولين حكوميين ونواب في البرلمان، وكل يحاول الحصول على قطعة أكبر من الكعكة على حساب جماهيرهم المهجرين والثكالى والأيتام، وهم ربما لا يعلمون أن جرس غرق سفينتهم قد قرع، وعليهم مغادرتها فوراً تحت طائلة الفضائح والمحاكم التي تنتظرهم للوقوف في أقفاصها وساعة الحساب قد أصبحت قريبة، أقرب إليهم من حبل الوريد، والحزب الإسلامي المنضوي تحت نفس اللافتة يشهد أزمات وانقسامات خطيرة.

أما المجلس الإسلامي الأعلى فقد نعاه السيد عمار الحكيم، من خلال تشكيل تيار الحكمة الوطني، بعد أن ضاق ذرعاً بالديناصورات أو عجائز المجلس الذين لا يرغبون بترك مواقعهم إلى الخط الثاني، بعد الفشل الذريع الذي شهدوه والفساد المستشري فيه.

وربما كان رئيسه منذ زمن ليس بالبعيد يحاول ضخ دماء جديدة لجسد المجلس الأعلى المسجى على طاولة المشرحة دون جدوى.

ولا نعلم بعد مدى نجاح التيار الجديد أم سيكون نسخة جديدة من المجلس، وستنعكس كل هذه الأحداث على التحالف الوطني والخلافات المتوقعة عند الشروع بتنصيب رئيس جديد له.

كما أن حزب الدعوة الذي يضم رئيس الوزراء الحالي ورئيس الوزراء السابق ينتظر الانفجار في أي لحظة، خصوصاً إذا ما علمنا أن كل واحد منهما لديه أطروحات مغايرة تماماً للآخر حول مستقبل العراق، وهو في الواقع منقسم على نفسه منذ زمن بعيد مع وقف التنفيذ.

أما على صعيد كردستان العراق، فإن محاولة الهروب إلى الأمام عن طريق الاستفتاء لتقرير المصير لن تجدي نفعاً ولن تقدم لأهلنا في كردستان الحلم الباهر في العيش الرغيد بعد الخلافات الحاصلة بين الأحزاب والكتل الكردستانية، وخصوصاً بين حزب الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي ستنفجر آجلاً أم عاجلاً مع تدخل دول الجوار في قرارات الإقليم؛ لأنه لا يعيش بمعزل عن الصراعات الدائرة اليوم.

وسواء جرى الاستفتاء أم لم يجر فإن استقلال الإقليم ما زال بعيد المنال، إضافة إلى مشكلة كركوك المستعصية والصدام المحتمل بين الأطراف المتنازعة، التي ستؤثر تأثيراً كبيراً على قرارات المركز والإقليم على حد سواء.

ومن الجانب الآخر يقف الجيش العراقي المغوار بعد أن حقق انتصارات رائعة وهو في أحضان المواطنين من كل الطوائف والإثنيات وقد غسل كل ما شابه من شوائب نتيجة غباء أو عمالة رئيس الوزراء السابق الذي ربما كان يروم الانتقام من جيش كان وما زال متلاحماً مع الشعب، فخسأ مَن كان يريد السوء له.

وربما سيكون له دور في المستقبل القريب لتصفية الميليشيات التي تتغذى على دماء المواطنين من خلال الخطف والسرقة والبلطجة والعمليات الإرهابية الأخرى.

والمعركة ما زالت مستمرة طالما هنالك سلاح خارج إطار الدولة.

من ذلك يتضح جلياً الأزمة الكبيرة التي تنتظر العملية السياسية في العراق بعد الفشل الذريع الذي منيت به الأحزاب والتكتلات المشاركة فيها جميعاً، وأن العد التنازلي لها قد بدأ فعلاً.. وقبل أيام شاهدت أحد نواب حزب الدعوة وهو يصرح باستحالة أي تغيير مثل الانقلاب أو حكومة طوارئ، على حد قوله، فتذكرت قول المرحوم نوري السعيد رئيس الوزراء في العهد الملكي: "دار السيد مأمونة"، وكان ذلك قبل ثورة يوليو/تموز بأيام قليلة.
فهل دار السيد مأمونة حقاً؟ هذا ما سنشاهده في قابل الأيام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد