مؤتمر القيادات السنية.. لمصلحة مَن؟

وقد كنا نعتقد أنهم سقطوا في فخ التخندقات الطائفية، ولكن الحقيقة أنهم منتفعون من هذه التخندقات، وأنهم على اختلاف مصادر تمويلهم من دول الجوار، فإنهم مختلفون حول حصصهم من الوزارات، فأخذوا يبيعون ويشترون المناصب الحكومية من وزارات ومحافظين ومديرين عامين، وربما من فراشين أيضاً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/15 الساعة 10:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/15 الساعة 10:20 بتوقيت غرينتش

علمنا من وكالات الأنباء أن مؤتمراً لقيادات السنة سيعقد في بغداد وأربيل، يحضره بعض القادة السياسيين الحاليين والقدامى من اتحاد القوى السنية، ويبدو أنهم بانتظار موافقة التحالف الوطني الشيعي؛ حيث إن هذا التحالف يطالب باستمرار بأن تكون لدى السنة مرجعية وقيادة سنية موحدة في مقابل المرجعية الشيعية والقيادات الشيعية.

إن السعي لعقد مثل هذا المؤتمر يعتبر ترسيخاً للمفاهيم الطائفية السياسية التي اتسمت بها العملية السياسية منذ البداية، وقد كنا على حق عندما طالبنا التحالف الوطني بأن يكون تحالفاً وطنياً لكل العراقيين، وأن يكون اسماً على مسمى؛ ليضم الشيعة والسنة والكرد ممن يلتقون على برنامج عمل موحد لكل العراقيين.

ونحن نركز على التحالف الوطني؛ لكونه القائد الفعلي للعملية السياسية منذ نشوئها بعد الاحتلال الأميركي وإلى يومنا الحاضر.

وكنا نتساءل وما زلنا: إذا كان التحالف الوطني يمثل الأغلبية فلماذا التمترس والتحزب والتكتل؟

أما اتحاد القوى السنية فقد كان أعضاؤه يشكون جهاراً نهاراً من التهميش والإقصاء، وإذا بهم بين عشية وضحاها قد أصبحوا أكثر حرصاً على التكتل الطائفي؛ لا بل إنهم يتباكون الآن على العملية السياسية التي كانوا ينتقدونها ويعتبرونها أساس التهميش والإقصاء، وبدلاً من أن يقدموا مشروعاً وطنياً شاملاً، أخذوا يتكتلون يوماً بعد يوم، وتزداد عندهم النزعة الطائفية الضيقة.

وقد كنا نعتقد أنهم سقطوا في فخ التخندقات الطائفية، ولكن الحقيقة أنهم منتفعون من هذه التخندقات، وأنهم على اختلاف مصادر تمويلهم من دول الجوار، فإنهم مختلفون حول حصصهم من الوزارات، فأخذوا يبيعون ويشترون المناصب الحكومية من وزارات ومحافظين ومديرين عامين، وربما من فراشين أيضاً.

إن تحالف القوى السنية عبارة عن تجمعات مناطقية وعلاقات شخصية بما فيها الحزب الإسلامي، وعلى هذا الأساس فإن المجتمع الشعبي السني لا يعترف بمثل هؤلاء القادة الذين فرضوا عليه فرضاً.

إن فشل العملية السياسية في العراق وفشل الأحزاب المحسوبة على الشيعة في إنصاف من يدعون تمثيلهم، وخصوصاً في المناطق الجنوبية قد أدى إلى معاناة لا نظير لها من الفقر والجهل والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.

وقد أصبحوا مهمشين بحق، مثلهم مثل أبناء الشعب السنة في أهم المناطق الغربية والشمالية، الذين هدمت بيوتهم وشردوا من مدنهم ظلماً وعدواناً، وبذلك يستوي ابن الشعب الشيعي مع ابن الشعب السني في المظلومية والتهميش والإقصاء، ولا نستثني ابن الشعب الكردي والتركماني والآشوري وغيرهم من أبناء الشعب المحرومين.

إن المظلومية قد شملت كل أطياف الشعب العراقي، وتساوت كل الطوائف والقوميات والمكونات في الفقر والحرمان والتهجير، فلماذا هذا التكتل الشيعي والتكتل السني والكردي؟ أما آن الأوان للانفتاح على الشعب كل الشعب، بدلاً من هذه التحالفات المشبوهة بشبهة الفساد والمحسوبية.

إن قادة التحالفات الشيعية والسنية والكردية الجالسين في المنطقة الخضراء ما زالوا يطمعون في الحصول على مقاعد في برلمان جديد وحكومة جديدة لإعادة إنتاج نفس العملية السياسية الفاسدة والجائرة بحق الشعب، وليستولوا من جديد على ما تبقى من ميزانية الشعب المنهوبة أصلاً، فهذا يدعو إلى حكومة أغلبية ليتبوأ مقعده في توزيع الكعكة على من يشاء، كما كان يفعل سابقاً، ويقسم العراق وفق أهوائه وأفكاره المتخلفة، وذاك ينفخ في التحالف الوطني عسى أن يعيد إليه الحياة، وهو في الرمق الأخير، وثالث جالس في إقليم كردستان يهدد بالانفصال، وأخيراً وليس آخراً اتحاد القوى السنية الذي لم يشبع لحد الآن من ابتزاز الحكومة باسم أحقيته بالمحاصصة، وكذلك نهب أموال النازحين من النساء والأطفال، ويتنازعون من الآن على أموال إعادة بناء المناطق المحررة، والأكثر من هذا يسعون إلى شرعنة السرقة ونهب المال العام والخاص من خلال مؤتمرهم الجديد؛ ليشكلوا قيادة جديدة للنهب والسلب وشراء وبيع المناصب، وهناك أطراف في التحالف الوطني تعمل على إسقاط التهم الموجهة إلى بعضهم أمام القضاء؛ لتسهيل عقد المؤتمر في بغداد.

إننا إذ نشجب مثل هذه المؤتمرات الطائفية، فإننا ما زلنا نوجه اللوم إلى التحالف الوطني؛ لكونه القائد الفعلي للعملية السياسية، وندعوه للانفتاح على الشعب، كل الشعب، وأن يقلب الطاولة ليؤسس تحالفاً وطنياً حقيقياً، ويكف عن مطالبة المكونات الأخرى بعقد مؤتمرات جديدة برعايته وتحت مسمى المصالحة الوهمية.

ونطالب الجميع بأن يكفوا عن التحالفات والمؤتمرات الطائفية والعنصرية؛ لأنها تمثل غدداً سرطانية في جسد العراق، وأن الشعب قد عانى بما فيه الكفاية من الآلام والحروب وضياع الحقوق والأوطان نتيجة هذه التحالفات، وأن يكفوا عن دعوات المصالحة؛ لأن المصالحة الوطنية الحقيقية يجب أن تتم بين القابعين في المنطقة الخضراء وبين الشعب بكل مكوناته. وبعكسه فإن الشعب لن يسكت لمدة أطول، وأنه ربما سيحول المنطقة الخضراء إلى ركام من الحجارة والدم؛ لتكون عبرة لكل مَن لم يحترم شعبه ووطنه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد