المجد لمن يقدس أرضه ولا يبيعها

هل سمعتم من قبل عن جزيرة هانز التي تقع في القطب الشمالي، التي تتجاوز مساحتها كيلومتراً واحداً بقليل، 1.3 كم، وليس لديها لا أهمية اقتصادية ولا اجتماعية ولا استراتيجية ولا تاريخية، لدرجة أنك إذا استيقظت صباحاً على خبر اختفائها من العالم سوف تتثاءب وتعود لتكمل نومك بشكل طبيعي!

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/13 الساعة 00:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/13 الساعة 00:45 بتوقيت غرينتش

هل سمعتم من قبل عن جزيرة هانز التي تقع في القطب الشمالي، التي تتجاوز مساحتها كيلومتراً واحداً بقليل، 1.3 كم، وليس لديها لا أهمية اقتصادية ولا اجتماعية ولا استراتيجية ولا تاريخية، لدرجة أنك إذا استيقظت صباحاً على خبر اختفائها من العالم سوف تتثاءب وتعود لتكمل نومك بشكل طبيعي!

هذه الصخرة تقع في منتصف المسافة بين الدنمارك وكندا، والبلدان يتصارعان بسببها منذ 1930 إلى حد الآن، رغم معرفتهما أنها مجرد صخرة جرداء في الجليد لا تمتلك أي موارد طبيعية، الأمر الذي جعل التصارع عليها محط نقاش، وكل فترة يقوم أحد البلدين بإرسال قوات تغرس علم بلادها، ورغم أن مسألة ملكية الجزيرة ما زالت غير محسومة، فإنه تجري حالياً مفاوضات بشأن تحويل جزيرة هانز إلى منطقة مشتركة يمكن أن تدار بشكل مشترك من قبل السلطات الكندية والدنماركية معاً.

قد أكون أطلت بالحديث عن هذه الجزيرة، ولكن كان لا بد من تسليط الضوء على كيف ان الغرب يقدسون أرضهم، ونحن نبيعها من أجل النقود أو حفنة من الأرز، كما فعل السيسي الذي باع جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، مؤكداً أن هذه الأرض سعودية منذ أقدم العصور، وتجاوز السلطة القضائية التي أقرت مصرية الجزيرتين.

"عواد" باع قطعة من بلاده التي روى منها المصريون الكثير من الدماء في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، دون أدنى شعور بالذنب، وكأن الوطن دكان لوالده، وهو يعلم أن الأرض شرف وعرض وليست مجرد امتداد جغرافي، ولن يؤثر بيع جزيرتين لا قيمة لهما بنظره.

يبدو أن الأرض العربية لم تعد عرضاً، وأصبح انتهاكها أمراً طبيعياً، فنجد الدول الكبيرة الرأسمالية منها والاشتراكية، تقيم القواعد العسكرية على أي جزء من هذه الأرض، بمباركة قادتها وتتحكم فيها دون أي رادع.

لم تكن مصر الوحيدة التي فرطت بأرضها وجزرها، بل إذا رجعنا قليلاً إلى الوراء في سبعينات القرن الماضي، نجد أن دولة الإمارات رضخت إلى احتلال إيران لجزرها الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، وهذه الجزر ذات أهمية استراتيجية كونها تقع في مدخل الخليج العربي، واحتلالها للجزر يمكنها من السيطرة على مضيق هرمز، وأهمية اقتصادية لتوافر النفط الخام بنسبة كبيرة.

ورغم هذا نجد قضية هذه الجزر تشهد تعتيماً من وسائل الإعلام الإماراتية، ولا يتحدثون عنها إلا ببعض القمم العربية، وما يزيد الطين بلة أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران تخطى حاجز 22 مليار دولار خلال 2016 .

طبعاً هذا غيض من فيض عن استماتة الغرب على كل شبر من أراضيهم، فهناك مثال آخر وهو جزر فوكلاند المتنازع عليها بين الأرجنتين والمملكة المتحدة؛ حيث خاضت الدولتان حرباً في 1982 تمكنت بريطانيا خلالها من السيطرة على الجزر وإبعاد القوات الأرجنتينية وأسفرت المعارك عن مقتل 900 شخص.

يجب على بعض الزعماء العرب أن يعرفوا جيداً أن التاريخ يقدس من يبذل الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على شبر أرض – حتى لو كانت أرضاً قاحلة- وبين من يبيع أرضه دون الشعور بالذنب من أجل حفنة من الأرز.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد