استثمار الألم !

كان على السوريين منذ سنوات أن يعضّوا بالنواجذ على ألمهم ويتدثروا بصمتٍ قاسٍ لعل ربيعاً ما لا تُدهَسُ فيه الورود يهزم الصمت، ولكن الألم تمدد وتنّوع وأخذ أشكالاً جديدة.. موت بكل أشكال العبث والحقد الذي توصلت له النفس البشرية المريضة، ومنافٍ وشتات ولطخة عار تمتد لتلف كروية الأرض، واجتزاء وقضم لمدن ومساحات وجغرافيا لم تعد تحتمل ولا تتسع لطموحات الطامعين

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/30 الساعة 03:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/30 الساعة 03:51 بتوقيت غرينتش

ما بين وطنٍ ومنفى كانت هناك محطة انتظار في عمّان، وفي صيفها الرائق عام 2014 كانت جلسة رائعة مع صديق عزيز قال لي حينها ونحن نناقش وضع السوريين اللاجئين في الأردن، قال لي حينها: "السوريون في عمان إضافة حقيقية.. واستثمار جديد للألم!).

يومها كان صديقي الشاعر الفلسطيني يغرف من الألم الفلسطيني الذي امتد لعقودٍ طويلة، ويومئ للألم العراقي الممتد لأقصى السراب، معتقداً أنه (آن لهذا الألم أن يترجل)، ولكن جاء الألم السوري ليعيد ترتيب فوضى الشتات من جديد مضيفاً لقاموس الألم حكايات موجعة.

الآن وبعد سنوات طالت من استثمار الألم السوري في أصقاع الأرض الجاحدة، يحق لنا أن نتساءل: هل هناك في رصيد الألم ما يغري بمزيد من الاستثمار؟

كان على السوريين منذ سنوات أن يعضّوا بالنواجذ على ألمهم ويتدثروا بصمتٍ قاسٍ لعل ربيعاً ما لا تُدهَسُ فيه الورود يهزم الصمت، ولكن الألم تمدد وتنّوع وأخذ أشكالاً جديدة.. موت بكل أشكال العبث والحقد الذي توصلت له النفس البشرية المريضة، ومنافٍ وشتات ولطخة عار تمتد لتلف كروية الأرض، واجتزاء وقضم لمدن ومساحات وجغرافيا لم تعد تحتمل ولا تتسع لطموحات الطامعين، وسيادة وطنية منتهكة من الجميع بدون استثناء، وخرائط التقسيم بألوانها الزاهية وكأنهم يرسمون ويلونون قطعة حلوى بانتظار التهامها، وتقسيم ديمغرافي، وتقسيم جغرافي؛ سوريا المفيدة، وسوريا الجديدة، وسوريا الناجعة.. فوضى الإعلام، وفوضى الجنسيات المقاتلة.

هل من مزيد؟

نعم لا نزال نحن والعالم بأسره يستثمر الألم السوري، فكل صباح منذ سنوات يحمل معه تفاصيل جديدة لهذا الألم الذي بات السوريون يشعرون أن لا نهاية له، وأن من يراهن منهم على نهايته يتسلح بالأمل لينفصل عن الواقع ممارساً بيع الوهم كما كل باعة الشعارات الذين باعوا الوهم للناس منذ عقود ولا يزالون، تاركين الشعب في خيبته وخيامه وشتاته وتيهه، غارقين في طائفيتهم المتوحلة ومشاريعهم التي سقطت كلها أمام دمعة طفل سوري في خيام الشتات.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد