لماذا يمتنع ترامب عن دعم العراق؟

ولكي نريح ترامب من عناء البحث نجيبه بأن الولايات المتحدة نفسها هي السبب الأول للفوضى، سواء بالاحتلال أو ترك العراق يواجه تدخلات دول المنطقة، الأمر الذي يجب على إدارة ترامب أن تعمل على إصلاحه، بدلاً من اتخاذه ذريعة للامتناع عن دعم العراق، أما الميزة الأخرى التي ميزت السعودية فهي المال، ولا أعتقد أن العراق دولة فقيرة أو أقل غنى من السعودية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/09 الساعة 05:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/09 الساعة 05:24 بتوقيت غرينتش

زيارة الرئيس الأميركي للمملكة العربية السعودية وحجم الدعم الذي حصدته الأخيرة تحت مسميات كثيرة تندرج في إطار التعاون السياسي أو التبادل التجاري، والأهم التحالف الاستراتيجي الوثيق بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية منذ قمة آيزنهاور – عبد العزيز عام 1945، كل ذلك طرح الكثير من التساؤلات عن علاقة الولايات المتحدة مع دول المنطقة المهمة التي تلعب دوراً لا يستهان به لحلحلة أزمات تمر بها المنطقة منذ عدة سنوات.

الكلام أو التساؤل أعلاه يشمل العراق الذي دائماً ما يكرر رئيس الوزراء حيدر العبادي أنه يقاتل نيابةً عن العالم ضد التنظيمات الإرهابية، طبعاً لا غبار يشق على صحة كلام العبادي، ولكن ما النتيجة والفائدة من قتالنا نيابة عن العالم؟ إذا كان الدعم والمساندة تحصل عليهما دول أخرى لم تشهد ما شهده العراق؟ والأهم ما الذي يدفع ترامب إلى دعم السعودية بهذه القوة ويتجنب دعم العراق ولو سياسياً أو إعلامياً؟ هل السبب في سياسة العراق؟ أم لترامب وجهة نظر أخرى؟

ما يميز السعودية عن العراق هو الاستقرار المتوافر في المملكة سياسياً وأمنياً بل واقتصادياً أيضاً، لكن هل يعرف ترامب مَن المتسبب في الفوضى التي يمر بها العراق منذ عام 2003؟

ولكي نريح ترامب من عناء البحث نجيبه بأن الولايات المتحدة نفسها هي السبب الأول للفوضى، سواء بالاحتلال أو ترك العراق يواجه تدخلات دول المنطقة، الأمر الذي يجب على إدارة ترامب أن تعمل على إصلاحه، بدلاً من اتخاذه ذريعة للامتناع عن دعم العراق، أما الميزة الأخرى التي ميزت السعودية فهي المال، ولا أعتقد أن العراق دولة فقيرة أو أقل غنى من السعودية.

لكن قبل أن نتساءل عن سبب نفور ترامب عن مساندة ودعم العراق، ينبغي مراجعة الموقف السياسي للعراق نفسه، فليس خفياً أن العراق ذو سياسات متعددة، والأدهى أنها تنافس السياسة الرسمية، بل حتى الرسمية منها متناقضة، فالعبادي له سياسة، وكذلك الجبوري ومعصوم لكل منهما سياسة بعيدة عن مصلحة العراق كدولة.

وطبعاً تناقضات كالتي تحدث في العراق ورئيس جديد يسعى لتثبيت سياسته ظروف كهذه لا يمكنها الاتفاق، والأهم من ذلك هو موقف ترامب من إيران الحليف البارز التي لها دور كبير في صناعة القرار السياسي في العراق.

في الوقت نفسه ليست إيران هي مَن تتدخل في الشأن العراقي بل تركيا أيضاً وكذلك الخليج، والدعم الذي تقدمه هذه الدول لا يوجه للعراق كدولة، بل إلى الأحزاب القريبة أيديولوجياً ودينياً منها، وبالتالي ترامب إذا ما أراد تقديم دعم فسيقع في ذات الأمر وسيحسب دعمه لطائفة أو حزب بدلاً من الدولة ذاتها.

في الواقع خيارات ترامب في المنطقة ضئيلة ومنافسوه كثر، وامتناعه عن دعم العراق حالياً أو تأجيله في أحسن الأحوال زاد من حظوظ السعودية التي أحسنت استغلال أموالها، وكذلك معرفتها الدقيقة لما تريد، وهو أن تكون الحليف الوحيد للولايات المتحدة الأميركية على عكس ما يحدث في العراق؛ حيث تملي الدول الأخرى عليه سياستها وتوجه أحزابه تبعاً لمصالحها وعدم استخدامه لأمواله وتوظيفها بالشكل الصحيح، سواء لخدمة الشعب أو مصالح العراق العليا، الأمر الذي أفقد ترامب ثقته بدولة مثل العراق، رغم انتصاره على داعش، وامتلاكه المال والثروة، ودفعه (ترامب) لعدم الدخول في حالة تصادم مباشر مع الدول التي تسيطر على الوضع في العراق.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد