أدلى أشهر أفراد عائلة زين العابدين بن علي مساء الجمعة 19 مايو/ أيار 2017 بشهادة غير مسبوقة حول الفساد في عهد الرئيس التونسي المخلوع وعبّر عن اعتذاراته للشعب التونسي.
وسجلت إفادة عماد الطرابلسي، ابن شقيق ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع، في السجن الذي أودع فيه منذ ثورة 2011. وبثته القناة الوطنية خلال جلسة نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة رصد انتهاكات حقوق الانسان في العقود الاخيرة.
وروى عماد الطرابلسي كيف أصبح أحد أهم أثرياء البلاد في عهد بن علي. وتحدث عن الفساد في البلاد بفضل مشاركة رجال جمارك وموظفين كبار ووزراء.
وقال رجل الأعمال "كنا نملك عملياً احتكار تجارة الموز". وكان الطرابلسي يعمل أيضاً في قطاعي العقارات وتجارة المشروبات الكحولية. وأوضح أنه إذا حاول رجل أعمال آخر منافسته "كنا نعلق" حمولته.
وأضاف أن "رجال الجمارك الذين كانوا يعملون معنا كانوا مكرسين لسفينتنا كانوا يعطلون مصالح كثيرين ولم يكونوا يخرجوا إلا بضاعتنا قبل الجميع".
وأوضح انه دفع رشاوى تصل قيمتها في بعض الأحيان إلى ثلاثين ألف دينار (11 إلف يورو).
وقدم الطرابلسي اعتذارات، قائلاً "ارتكبت أخطاء واعترفت بذلك، أعتذر للشعب التونسي".
وأضاف "مرت سبع سنوات، أريد أن ينتهي ذلك كان عمر ابنتي 10 أشهر عندما تركتها وعمرها اليوم ثماني سنوات. أريد حريتي".
واتهم الطرابلسي في كلمته "رجال أعمال معروفين يظهرون اليوم في المنابر الإعلامية وينشط بعضهم في أندية وجمعيات رياضيّة (لم يسمهم) بالتورط في الفساد والتهريب."
كما اعترف في شهادته بجملة من التجاوزات من ضمنها التهريب والتلاعب الضريبي واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية خاصة في مجال الاستيراد والتصدير لمواد استهلاكية كالموز.
وتأتي تصريحات الطرابلسي في ظل تصاعد الجدل السياسي بشأن مشروع قانون المصالحة المالية مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد المالي قبل الثورة.
ومشروع المصالحة الذّي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، وصادق عليه المجلس الوزاري في 14 يوليو/تموز 2015، معروض اليوم على لجنة التشريع العام التابعة للبرلمان لمناقشته قبل إحالته على الجلسة العامّة.
ويعفو مشروع القانون حال إقراره، عن نحو 400 رجل أعمال متورطين في قضايا فساد ومحسوبين على نظام بن علي، الذي أطاحت به ثورة شعبية 2011.
وعماد الطرابلسي هو صهر الرئيس الأسبق بن علي، تم توقيفه إبان الثورة التونسية (يناير 2011) بتهمة الفساد المالي واستعمال النفوذ لخدمة أغراض خاصة.
جدير بالذّكر أنّ الهيئة عبّرت في مناسبات سابقة عن رفضها لقانون المصالحة الاقتصادية.
و"الحقيقة والكرامة"، هيئة دستورية مستقلة تم تأسيسها بمقتضى قانون صدر في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013، المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها.
وعرضت الهيئة في بداية الاستماع العلنية العاشرة شريطاً وثائقياً حول انتشار الفساد المالي في تونس تضمن بالخصوص الحديث عن دور الهيئة في النظر في ملف الفساد المالي حيث تلقت 6365 شكاية تتعلق بالفساد المالي منها 680 ملفاً عن طريق المكلف العام بنزاعات الدولة.
وقامت بعقد جلسات استماع سرية لـ 2874 حالة من بينها 1632 من طالبي التحكيم والمصالحة.
وتتمثل مهام الهيئة في هذا المجال في تقييم التجاوزات وإرجاع الحقوق لأصحابها وتفكيك منظومة الفساد وتقديم المقترحات لإصلاح المؤسسات وغربلة الإدارة.
ومنذ نوفمبر 2016، بدأت هيئة الحقيقة والكرامة، المعنية بالتحقيق في ملفات انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت في البلاد بين 1955 و2013، عقد جلسات استماع علنية إلى ضحايا الانتهاكات من مختلف التيارات السياسية في البلاد، وأيضاً النقابيين والحقوقيين.
ويقيم زين العابدين بن علي في منفاه بالسعودية منذ فرّ من بلاده في مطلع 2011 حين أطاحت بنظامه ثورة الياسمين.
ومنذ ذلك الحين، صدرت أحكام قضائية عديدة بحقه ولا سيما في قضايا فساد. كما انه محكوم عليه بالسجن لمدى الحياة في قضية القمع الدموي للمتظاهرين ضده اثناء الثورة (اكثر من 300 قتيل).