يوماً بعد آخر تتأكد أهمية تربية الأبناء على التعامل مع الإعلام بنوعَيه الإعلام التقليدي والإعلام الجديد، ولا سيما بعد انتشار مقاطع الفيديو لرقصات غير أخلاقية في بعض مدارسنا.
وبدون استنفار الطاقات التربوية لهذه الرسالة الجليلة في عصر ثورات الإعلام الرقمي، فإن جميع جهود التربويين في التربية على الأخلاق والقيم ستذهب هباءً منثوراً.
والاكتفاء بمواجهة الظواهر السلبية في مواقع التواصل الاجتماعي بالعقوبات لا يعالج جذور المشكلات التي تتصاعد يوماً بعد آخر وبصور مختلفة، فالظواهر الشاذة التي تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد نتاج غياب التربية الإعلامية التي يجب أن تتكاتف فيها جهود أولياء الأمور مع المعلمين من أجل تحصين الأبناء من التأثيرات السلبية والاستخدامات المنحرفة لمواقع التواصل وتعلم كيفية الاستفادة الإيجابية منها.
وإذا كان النائب العام في دولة الإمارات العربية المتحدة قد ناشد أولياء الأمور القيامَ بدورهم التربوي في توجيه أبنائهم إلى النأي عن الأفعال التي تجافي المبادئ الأخلاقية، والتي ينكرها المجتمع الإماراتي ويستهجنها، فإن ما يجب أن يدركه النائب العام للدولة وأصحاب القرار أن دور الأسرة في التربية الإعلامية لن ينجح دون تكامله مع دور المدرسة، وأن أولياء الأمور والمعلمين لن ينجحوا في هذه المهمة إلا بعد إعدادهم في دورات تأهيلية خاصة.
إن إعداد الأبناء للتعامل مع عصر الإعلام واجب ديني وإنساني ويمثل الحد الأدنى من حقوق المواطنة في عالم الإعلام والسياج الأول لحماية الأخلاق والقيم، وبعد ذلك سينحصر دور العقوبات في مواجهة الحالات الشاذة والنادرة.
ومما يجب إدراكه أن بعض هذه المظاهر الشاذة هي تفريغ للكبت السياسي والاجتماعي الذي يعيشه الشباب، فلا يجدون أي فضاء للتعبير عن طاقاتهم وحرياتهم غير هذه الأساليب المنحرفة، ولهذا فإن إطلاق الحريات السياسية سيساعد في تحجيم هذه الظواهر السلبية، فضلاً عن أهمية تفعيل دور المجتمع المدني ومؤسسات الإصلاح الاجتماعي والتربوي والدعوي.
وقبل تطبيق لائحة السلوك الطلابي التي توعدت بها وزارة التربية الطلبة المتورطين بنشر مقاطع الفيديو المخلة، فإن الوزارة مطالبة أولاً بترشيد السلوك بواسطة التربية الإعلامية الناقدة، فالعقوبات بدون تربية وإرشاد وتحصين ستظل عديمة الجدوى، وستنقل الظاهرة من العلنية إلى السرية، وربما بصورة أكثر انحرافاً وأكثر إخلالا بالآداب العامة والأخلاق والقيم.
ولأن العقوبات تعالج أعراض الظاهرة، ولا تعالج أسبابها، فإن واجب التربية معالجة الأسباب قبل معالجة الأعراض، ولا سبيل لذلك إلا بتفعيل التربية الإعلامية والتربية الأخلاقية، وتكاتف جهود الدولة مع المجتمع المدني وأولياء الأمور، مع استثمار طاقات الشباب في أنشطة ثقافية متنوعة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.