هم قاموا بتخيُّل الحدود ونحن من جعلها واقعاً

وُلدنا أحراراً بكل ما للكلمة من معنى، وأصبحنا نرتدي شروط الحياة قطعة قطعة، وأصبحنا نخفض صوت الحرية درجة درجة، حتى وصلنا لأسمى درجات الصمت، حتى أصبحنا نعيش في وهم الحدود، حتى أصبحت قدراتنا محدودة، وأفكارنا محدودة، وأصواتنا محدودة، ورؤيتنا برغم مد البصر محدودة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/01 الساعة 01:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/01 الساعة 01:37 بتوقيت غرينتش

وُلدنا أحراراً بكل ما للكلمة من معنى، وأصبحنا نرتدي شروط الحياة قطعة قطعة، وأصبحنا نخفض صوت الحرية درجة درجة، حتى وصلنا لأسمى درجات الصمت، حتى أصبحنا نعيش في وهم الحدود، حتى أصبحت قدراتنا محدودة، وأفكارنا محدودة، وأصواتنا محدودة، ورؤيتنا برغم مد البصر محدودة.

كنت أتمنى لو أنني أتكلم عن الحدود الموجودة بين كل قطعة أرض وأخرى، للأسف فأنا أتكلم عن الحدود الموجودة في داخل كل عقل وقلب، بين كل مجتمع ومجتمع، بين كل إنسان وإنسان، الحدود التي استطاعت تقطيع كل شيء عدا السماء.

السماء والشمس ليست دليلاً للنور فقط، بل لطالما استخدمتا دليلاً للاتجاهات، دليلاً لمن يبحثون عن الحرية، حتى تطورنا وأصبحنا نعرف الاتجاهات دون الحاجة لنور الشمس أو السماء، فبالرغم من وجود النور أصبح الظلام يعم الأرض، ووقتها بدأت حروب الشرق والغرب وحروب الشمال والجنوب، فهو ليس ذنب الشمس ولا ذنب السماء، هو ذنب من هو موجود على الأرض وأصبح يخاف من رفع رأسه للنظر للسماء، فنحن نسينا أن الحرية دائماً أينما ذهبنا سنجدها فوقنا تماماً في السماء.

نحن لا نمتلك فقط حدود سايكس بيكو، بل لدينا الحدود التي رسمها المجتمع لنا، والحدود التي رسمها العرف، والحدود التي قدمتها لنا العادات والتقاليد، والحدود التي نرسمها نحن لأنفسنا كل يوم، وهذا ليس خطأً عندما يكون كل شيء ضمن حدود المنطق، فنحن التزمنا بكل أنواع الحدود، ولم نلتزم بحدود المنطق، فمشكلتنا الحقيقية ليست حدود سايكس بيكو، بل الحدود التي لا فائدة منها، والتي نرسمها نحن لأنفسنا بشكل مستمر.

هم قاموا برسم الحدود، هم قاموا بإعلانها شفهياً، هم قاموا فقط بتخيلها، نحن مَن بنيناها، نحن مَن شيّدناها، نحن من جعلناها واقعاً، أصبحت الثقافات حدوداً، والأديان حدوداً، واللغات حدوداً، واللهجات حدوداً، وألوان بشرتنا حدوداً، أصبحنا نحن حدوداً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد