أيام قليلة تفصلنا عن موعد الانتخابات الفرنسية، والتي من المنتظر إجراؤها في الـ 7 من مايو/أيار المقبل، وحينها نعرف من يكون الرئيس الفرنسي المقبل، هل يصبح مرشحة "أقصى اليمين" مارين لوبان، أم مرشح حركة "السير إلى الأمام" إيمانويل ماكرون؟، وأياً من يختاره الشعب الفرنسي ليمثله أمام العالم، فإنه من المفترض أننا سنشهد تنفيذ الرئيس الجديد وعوده الانتخابية.
إذ يمثل صلب برنامج لوبان الانتخابي، خروج فرنسا من منطقة اليورو، وإعادة حدود فرنسا، ضبط العولمة، وحظر المظاهر الإسلامية، إذ لديها موقف عدائي من المسلمين والمهاجرين بشكلٍ عام. أما ماكرون، فيتخذ موقفاً بعيداً عن التشدد حيال المسلمين والمهاجرين، وبقاء فرنسا في أوروبا، إذ يرفع شعار "لا يسار ولا يمين"، بالإضافة إلى وعود آخرى بالمساواة بين الرجال والنساء في الرواتب، ومنع البرلمانيين والوزراء من توظيف أقاربهم، وزيادة أعداد ضباط الشرطة.
وعلى الرغم من أن بعض تلك الوعود قد تكون محفوفة بالمخاطر، إلا أنها عادية مقارنةً بوعود شهدتها الانتخابات الفرنسية في الثمانينيات، والتي وصفتها صحيفة Ça M'intéresse الفرنسية بأنها كانت أكثر غرابةً وجنونًا. وإليك ما استعرضته الصحيفة:
1848: اقتراح إلغاء العمل
خلال انتخابات عام 1848، وبالتزامن مع اعتماد أول اقتراع عام (شارك فيه الذكور فقط) في تاريخ فرنسا، كثُرت المزايدات بين برامج الحملات الانتخابية، وظهر ذلك واضحاً في الملصقات الدعائية المعلقة على جدران المدن.
ففي باريس مثلاً، اقترح مرشح يُدعى ميري أن يتخلى المجتمع عن العمل، وذلك "بفضل كثرة الآلات التي لا تُحصى ولا تعد"، مع الإبقاء على بعض الوظائف المحدودة التي ستتولاها "كلاب مدربة" للإشراف على حراسة المصانع الميكانيكية.
لا أعلم ما تصوره عما سيفعله الناس في حياةٍ بلا عمل!!
1865: برنامج "أهد ذراعك ليأكلها جارك الجوعان"
حلم عضو مجلس محلي في مدينة مونتيليمار الفرنسية يُدعى بولين غاغن بمصير مختلف تماماً، ففي سنة 1865، أعلن غاغن للصحافة عن أنه رشح نفسه لجميع الفصائل الفرنسية، وأن المذهب الذي يتبعه يقوم على العطاء وحب البشر.
وبعبارة أخرى، دعا هذا المرشح إلى ضرورة تضحية كبار السن بحياتهم، وبأجسادهم أيضاً، في سبيل إطعام الفقراء للحد من ظاهرة الجوع، وبالنسبة للأشخاص الضعفاء الذين لا يتمتعون بصحة جيدة، يمكنهم الاكتفاء بمنح ذراع أو ساق لجيرانهم.
وقد قدم هذا المواطن، الذي لم يتجاوز عقده الستين حينها، نفسه كأول متطوع جاهز للإقدام على هذه الخطوة، لكن برنامجه الانتخابي كلفه الإقامة في مستشفى للأمراض النفسية في باريس.
1893: إنشاء خط أنابيب لنقل النبيذ
في منطقة لاون في شمال فرنسا، لم يكن لمرشح الانتخابات التشريعية الجمهوري جول باسكيير، سوى منافس واحد، يُدعى إيزيدور كوشون، الذي عُرف بأفكاره الغريبة والمثيرة للدهشة.
ويتمثل المشروع الانتخابي لهذا المنافس في حفر خط أنابيب يربط بين الجزائر (التي كانت خاضعة في ذلك الوقت للاستعمار الفرنسي) ومدينة مارسيليا. ومن خلال هذا الخط، سيتم نقل النبيذ المنتج في مستعمرة شمال أفريقيا كي يتمتع به جميع رواد مقاهي المدينة!
لكن خسر كوشون لصالح باسكيير، الذي تمكن من الفوز بهذه الانتخابات وظلت فكرة "أنابيب النبيذ" حلماً لم يتحقق.