الصحة العمومية في المغرب.. لا تجرؤ أن تمرض في المغرب

صادفت قبل أيام أحد مدبّري الشأن الصحي على مستوى الإقليم؛ حيث كانت له زيارة لأحد المستشفيات بسبب مرض أحد أقاربه، فبادرته بالسؤال هل ترضيك هذه الحالة اللاإنسانية في هذا المستشفى؟ فما كان منه إلا أن تحسر وحاول أن يبرر كل هذا بين لف ودوران، لكن في الأخير استسلم واعترف بأن توجه الدولة لا يرمي إلى النهوض بقطاع الصحة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/22 الساعة 03:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/22 الساعة 03:06 بتوقيت غرينتش

"إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك في المغرب هو ألا تمرض" عبارة لطالما رددها أحد الأصدقاء، متحدثاً عن وضعية الصحة العمومية في المملكة.

فحالة المستشفيات العمومية في المغرب كارثية مقارنة بنظيرتها في القطاع الخاص والقطاع العسكري، صورة قاتمة تتجسد في كثير من الصور، أسرة متهالكة، جدران متآكلة، اكتظاظ المرضى في قاعة واحدة؛ حيث يحدث أن ينام 6 إلى 8 مرضى في غرفة واحدة مع تأكد إصابة أحدهم، أو أكثر بمرض السل المعدي جداً، من جهة أخرى، مواعيد الفحص وإجراء العمليات بعيدة جداً تمتد لشهور كثيرة.

عدد العاملين في القطاع من ممرضين وأطباء لا يرقى للمعايير الدولية، فنجد ممرضاً واحداً لأكثر من 44 مريضاً في مصلحة واحدة، ونجد طبيباً واحداً يداوم 12 ساعة في مصلحة المستعجلات، في غياب تام لتوفير شروط الممارسة للعاملين، سواء النفسية، أو العلمية أو العملية.

صادفت قبل أيام أحد مدبّري الشأن الصحي على مستوى الإقليم؛ حيث كانت له زيارة لأحد المستشفيات بسبب مرض أحد أقاربه، فبادرته بالسؤال هل ترضيك هذه الحالة اللاإنسانية في هذا المستشفى؟ فما كان منه إلا أن تحسر وحاول أن يبرر كل هذا بين لف ودوران، لكن في الأخير استسلم واعترف بأن توجه الدولة لا يرمي إلى النهوض بقطاع الصحة.

نعم يا سادة، المملكة المغربية لا تضع صحة المواطن ضمن أولوياتها، فلا ضير أن تبقى مستشفيات البلاد على ما هي عليه، بينما تبنى مستشفيات في غرب إفريقيا وشرقها، لا ضير أن يموت المواطن المغربي في سبيل تنظيم تظاهرات دولية، الهدف منها الإشعاع ليس إلا، ولا بأس أن ترسل الدولة مساعدات دوائية لدول بعيدة، بينما المغربي المقهور في أمَس الحاجة إليها، والغريب في الأمر، أن تصرف الدولة 22 مليون دولار على إعادة ترميم ملعب لكرة القدم لا يعود بالنفع على المغاربة في وقت توجد فيه مستشفيات في أمَس الحاجة لذلك المبلغ لتحسين استشفاء المواطنين بداخلها.

مشكلة الصحة العمومية في المغرب ليست مشكلة تدبير؛ لأن كل مسؤول في موقعه يشتغل بما هو متاح له، أقصد مسؤولي الوزارة الوصية فما تحت، فكل واحد يختبئ وراء عذر الإمكانيات، لكن ماذا لو جعلت الدولة مجال الصحة أولوية؟ ماذا لو أعادت توجيه نفقات كثيرة تعد بالمليارات لا يجني منها المواطن أي شيء إلى قطاع الصحة بهدف أن تتحسن ظروف الاستقبال والاستشفاء وتوفير الأدوية؟

اللعب على شعارات "الهيليكوبتر" وإنقاذ حامل من وسط الثلوج لا يجدي شيئاً؛ لأن المطلوب هو أن يلج المواطن للمستشفى ويجد سريراً يليق به، لا أن يفترش الأرض، أن يجد ما يكفي من الممرضين والأطباء، أن تكون سيارة الإسعاف في خدمته، فهل دولة بحجم المغرب يعجزها توفير هذا؟ بل هي قادرة وأكثر إن توفرت إرادة قادة البلاد، في انتظار ذلك، مَن لا يعيش بكرامة لا يمرض بكرامة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد