لماذا يستخدم النظام السلاح الكيماوي؟ وما هي مصلحته؟ سؤال يطرحه البعض بغرض الحصول على إجابة تشفي فضوله في معرفة أي نوع من المجرمين يحكم سوريا، والحقيقة فهو سؤال مشروع، فكلما شاهدنا جثث الأطفال تغطي أرصفة الشوارع وصناديق سيارات البيك آب بطريقة هستيرية نفاجأ من جديد بكمية الإجرام الذي يحمله هذا النظام ضد الشعب الثائر.
وعلى الرغم من كل شيء يبقى السؤال القديم الجديد: لماذا يستخدم نظام الأسد السلاح الكيميائي؟ وهو ما سنجيب عليه في سطورنا التالية محاولين الاختصار قدر الإمكان.
1 – في البداية جميعنا يعرف أن السلاح الكيميائي هو سلاح استخدامه محرَّم دولياً، واستخدامه محرم دولياً لا يعني ضد المدنيين فحسب، بل حتى ضد العسكريين أيضاً، فالمدنيون محرم استخدام ضدهم حتى السلاح التقليدي أو العنف، أياً كان شكله، إذن: فالسلاح الكيميائي محرم بالقانون الدولي بشكل قطعي أي محرم امتلاكه واستخدامه حتى ضد العدو، أياً كان هذا العدو.
أما عن امتلاك، فنظام الأسد يبرر بأنه "سلاح ردع"، أي لمواجهة إسرائيل التي تمتلك النووي.
2 – لماذا يستخدم نظام الأسد السلاح الكيميائي ضد المدنيين؟ وهل من مصلحته أن يقوم العالم ضده وأن تسود صورته أكثر مما هي مسودة وهو الذي يدفع المليارات لتبييضها إعلامياً؟
يجب أولاً أن نتذكّر أن جيش الأسد استنفد طاقته العسكرية، حتى بات كما يقال أضعف ميليشيا تقاتل في سوريا، فحتى حزب الله وأصغر فصيل عراقي هو أقوى من هذا الجيش الذي حتى هو ضعيف عددياً، ولا يملك من قوة الردع غير سلاح الطيران الذي لم يعد ينفع بالتكتيكات الجديدة للهجمات ضده، فمثلاً عندما تقدم الثوار ضده في ريف حماة وانتزعوا منه مناطق كثيرة في يومين وباتوا على بعد 2 كم من بوابة مدينة حماة، قام الأسد باستخدام الكيماوي ضدهم، وهذه المناطق التي يستخدمه فيها خالية تقريباً من السكان، فيكون ضحايا الكيميائي من العسكريين، وهنا لا أحد يأتي بسيرة استخدامه لهذا السلاح مع أن الجميع يعرف هذا الأمر.
3 – إذاً فالأسد يملك حق استخدام هذا السلاح "المحرم دولياً"، لكن على نطاق عسكري، والكارت الأخضر الممنوح له باستخدامه هو فقط ضد العسكريين.
4 -إذاً لماذا استخدمه ضد المدنيين وخرق التصريح الممنوح له؟
طيارو النظام من أغبى الطيارين، وطائرات النظام من أردأ وأغبى طائرات الكون المستخدمة، ونسبة الخطأ فيها كبيرة جداً، وبالطبع فالنظام لا يهتم بهذا الخطأ ودائماً ما يرتكبه عمداً، لكن هذه الصواريخ السامة لا يريد أن يخطئ بها، وحسب تحليل المجزرة الأخيرة، فإن الطيار الذي رمز طائرته قدس واحد كان يحمل صواريخ أحدها مزود برأس سام، وأظنه لم يكن بصدد رميه، ولكنه أخطأ ورمى حمولته كلها، كان نصيب خان شيخون خمسة منها، أربعة صواريخ عادية انفجرت، والخامس لم يحدث انفجاراً كالأربعة السابقة، فظن المتابعون للقصف أنه لم ينفجر كالكثير من صواريخ روسيا الرديئة، لكن اتضح بعد ذلك أن هذا الانفجار الصغير هو الأخطر، وهو مليء بالغازات السامة التي بدأت تنفث سمها في المدينة، وأدّت لمقتل العشرات وإصابة المئات، ووقوع المجزرة التي سارع الأسد لنفيها قائلاً بأن ثوار خان شيخون كانوا بصدد إطلاق جرر غاز، فسقطت إحداها على مستودع للأسلحة الكيميائية في المدينة، مما أدى لانفجاره، بينما روسيا عارضته بقولها إن النظام هو من أطلق الصواريخ من طائرات "سوخوي 22″، لكنها استهدفت مستودعاً للأسلحة الكيميائية التابع للمعارضة، والنكتة هنا أنه لو فرضنا جدلاً امتلاك المعارضة لمخزون أسلحة كيميائية فهل ستضع هذه المستودعات بين أهلها وبيوت يوجد فيها أطفالها؟ وهل لو انفجر مستودع أسلحة كيميائية كما تدعي روسيا فهل ستكون النتيجة فقط هذا العدد من الضحايا أم أن تأثيراته كانت ستصل إلى تركيا؟
إذاً فنظام الأسد الذي حصل على فتوى إباحة ممن حرّم السلاح الكيميائي لكن باستخدامه على المقاتلين في مناطق خالية، كما حدث قبل خان شيخون بأسبوع، فقد استخدمه عشرات المرات لكن دون ضحايا من المدنيين، فلا تفاجأ عزيزي القارئ من طريقة التعاطي الإعلامية والسياسية الضعيفة من حدث كهذا، فهم من أعطوه الفتوى مما هم حرّموه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.