معالي المواطن

قالت صديقة لي ذات يوم بأن العالم فيما سبق يعيش بمعيار واحد: "ما أفعله صحيح وما يفعله غيري وإن كان نفس ما أفعله إجرام".. لكن الذي تغير اليوم شيء واحد فقط ليصبح المعيار "كل ما يفعله الغرب صحيح، وكل ما يفعله سواه بمن فيهم نحن إجرام

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/14 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/14 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش

بلغ السيل الزبى.. هذا العالم لا يعاني من الانفصام والمعايير المزدوجة إطلاقاً.
قالت صديقة لي ذات يوم بأن العالم فيما سبق يعيش بمعيار واحد: "ما أفعله صحيح وما يفعله غيري وإن كان نفس ما أفعله إجرام".. لكن الذي تغير اليوم شيء واحد فقط ليصبح المعيار "كل ما يفعله الغرب صحيح، وكل ما يفعله سواه بمن فيهم نحن إجرام، وإن أتينا نفس فعل الغرب"، ولا فائدة من تعداد الأمثلة.. نحن لم نعد نعبد شيئاً محلياً، لم تعد أصنامنا من صنع أيادينا، حتى رموزنا ليكونوا جديرين بعبادتنا باتوا يرتدون عباءة الغرب.

هذا التسليم الكامل للعقول لم يشهده التاريخ قبلاً قط، هذا الرضوخ الغريب والتبعية العمياء دون مقابل، ثم من منا لا ينتظر صدور جيل جديد من السمارت فون، ثم بعدها نجلس جميعاً نلعن الغرب مرة أخرى.

أخي المواطن ما أحوجنا لأن نستخدم عقولنا وما أحوجنا لأن نخاطب عقولنا، ونحرره من معتقدات بالية لا تنفعنا سوى في حافلات النقل أو عند طابور الانتظار؛ لينعم كل مواطن بإخراج مكبوتات عله يسخط على هذا وعلى ذاك بحجة أن الوطن ليس جميلاً.

من منا من المغاربة لا يحلم بالهجرة ولو للصومال الشقيقة أرحم له من البقاء في بلاد لا تعطيه قيمة؟

مواطن بسيط لا يريد شيئاً أكثر من أن يعيش بكرامة، بلا ذل، وبلا ابتزاز، وبلا إهانة فقط.
مسألة أصبحت عندنا أهم مسألة هل لديك المال أم لا؟ أو بالأحرى حسابك البنكي مفتوح.. وإن لم يكن فستعيش أفظع ساعات أيامك في مستشفيات بلادنا الجميلة، سوف تفترسك أنياب الرعاية الصحية.

نعيش في جلد حربائي متلون، الإعاقة في بلادنا هي إعاقة التفكير والوعي، هي إعاقة القلب، الإعاقة هم أناس لم تتح لهم فرص العيش؛ ليستثمروا عضلاتهم في السرقة ونهب أموال الناس على أرصفة الشارع والطرقات.

يا معالي المواطن، لست أبداً سعيداً؛ لأنك تؤدي العديد من الضرائب بكل أريحية، وأنت على يقين تام أنك لن تنتفع منها لا في الصحة ولا التعليم ولا البنيات التحتية، والكل جلي وواضح أمام أعيننا.

في بلادك يا معالي المواطن البئيس يدعم البئيس، والمسكين ينفق على المسكين، وبجهد الله ما زلنا نحيا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد