بوتين وأردوغان.. ولعنة الأكراد

لكن خيبة الأمل الحادة التي عاشتها تركيا في السنوات الأخيرة، والتي مثل محورها الصراع السوري المتواصل للبحث عن بناء حصن لها من الأكراد، لم تقف حد التخوفات، بل إن الكابوس الكردي ما انفك يخامر القائد التركي، خصوصاً بعد سيطرة قوات كردية على مناطق على الحدود شمال سوريا، كان ينوي تشييدها كمناطق آمنة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/10 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/10 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش

ليست هي المرة الأولى التي تشتد فيها وطأة الصراع الروسي- التركي، كما أنها ليست المرة الأولى التي قد تنقلب فيها موازين العلاقات بين البلدين من النقيض إلى النقيض.

عادت الخلافات من جديد؛ ليبدو مقتل جندي تركي في منطقة الريحانية بمحافظة لواء إسكندرون الحدودية مع سوريا، حدثاًً فاصلاً بما فيه الكفاية؛ لينقض الصلح الأخير بموسكو، وليفتح الباب من جديد لمراجعة المواقف والاتفاقيات المبرمة مؤخراً بين الطرفين.

لم تكن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بموسكو في العاشر من مارس/آذار الجاري، والتي أفاد فيها بأن "القضاء على مجموعة إرهابية بمساعدة أخرى أمر غير ممكن"؛ لتقصد التحالف الدولي وواشنطن فحسب، بل كانت تعني كذلك موسكو.

ذلك أن "رؤى أردوغان" يبدو أنها قد صدقت، حين أكدت صور تناقلتها مواقع إلكترونية، تواجد قوات ومدرعات روسية بمدينة عفرين قرب الحدود التركية، صحة ما كان يروج عن اتفاق روسي – كردي رسمي للتواجد هناك لتدريب قوات كردية، ولتبسط صفحة أخرى من صفحات الخلاف بين البلدين.

وقد لا ينكر الطرفان ولا يجرآن، أن هذه الخلافات بدت وكأنها قد ولَّت ومضى عهدها بعد أول لقاء جمعهما بـ"سان بطرسبرغ" بعد "حادثة الطائرة"، تلته تصريحات ناعمة متبادلة بين الرئيسين، لتجديد تاريخ العلاقات الدبلوماسية ولاستدراك مستقبل العلاقات الاقتصادية بينهما، إلا أن هذا التجديد لم يلبث أن اتضحت هشاشة دعائمه وضعف أسسه وبنيانه بـ"سلاح كردي" بامتياز.

لكن خيبة الأمل الحادة التي عاشتها تركيا في السنوات الأخيرة، والتي مثل محورها الصراع السوري المتواصل للبحث عن بناء حصن لها من الأكراد، لم تقف حد التخوفات، بل إن الكابوس الكردي ما انفك يخامر القائد التركي، خصوصاً بعد سيطرة قوات كردية على مناطق على الحدود شمال سوريا، كان ينوي تشييدها كمناطق آمنة.

فهاجس الزعيم الفارسي وقوميته المفرطة اللذان حركاه بعد نشر صور تجمع جنوداً روساً بوحدات حماية الشعب الكردية بعفرين، لم يمنعاه من استدعاء القائم بالأعمال الروسي لأنقرة في 23 من مارس/آذار، إلى "جلسة عتاب على الملأ"، عبرت فيها وزارة الخارجية التركية عن استيائها من مقتل جندي تركي على يد أكراد، وعن " اشمئزازها" من رؤية جنود روس يحملون شارات لـ"ميليشيات كردية إرهابية".

ومع اقتراب معركة تحرير الرقة، يبدو أن العزائم قد شحنت للتدخل بقوة على الميدان، ربما هي نفس القوة القاضية التي شهدتها "مجزرة تحرير الموصل" مؤخراً بالعراق، ففي حين صرح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، في مقابلة تلفزيونية، بأن عملية تحرير الرقة السورية من قبضة مسلحي تنظيم الدولة الإرهابي من المتوقع أن تنطلق في الأيام القليلة القادمة، كان رد الدب الروسي صارماً تجاه ذلك؛ ليصدر المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء إيغور كوناشينكوف بلاغاً قال فيه: "من الواضح لكل خبير عسكري أن تحرير الرقة لن يكون نزهة سهلة للتحالف الدولي"، وأضاف أن "تفاؤل وزير الدفاع الفرنسي، الذي أعلن عن اكتمال محاصرة الرقة، نابع عن مصادر لا علاقة لها بالواقع والوضع على الأرض".

ورغم كل المحاولات، فإن وجود "قوات حماية الشعب الكردية" ومشاركتها في هذه المعركة (معركة تحرير الرقة) كطرف فاعل ومؤثر، بدا لتركيا التي عمدت إلى إيقاف تراخيص استيراد زيت عباد الشمس، والقمح والذرة من روسيا في 17 مارس/آذار المنقضي، كمصير محتوم لا مفر منه، بعد تأييد كل من موسكو والتحالف الدولي، بقيادة أميركا، لهذا التدخل.

فمرة أخرى تجد تركيا علاقاتها مع دول كبرى على المحك، في وقت هي الأحوج فيه إلى الدعم والمساندة، وفي ظل توتر علاقاتها مع واشنطن ومع دول التحالف.

ولكن ربما قد تطفو المصالح من جديد؛ لتطوي مرة أخرى صفحة من صفحات الخلافات بين البلدين، وتستنفد سلاحاً آخر من أسلحة التوافقات الاستراتيجية في المنطقة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد