يقول محللون إن الضربة الأميركية على قاعدة عسكرية في سوريا، الجمعة، تتضمن أيضاً رسالة واضحة لكوريا الشمالية وحليفتها الرئيسية الصين، لكنها ليست قوية بما يكفي لردع بيونغ يانغ عن برنامجها النووي.
وبينما يعد توقيت الضربة مصادفة إلى حد كبير، إلا أن إصدار ترامب للأمر بينما يستضيف الرئيس الصيني شي جينبيغ كان له وقع خاص، خصوصاً أن من بين بنود جدول أعمال القمة البرنامج النووي الكوري الشمالي، وسبل التصدي له.
كما أن لجوء ترامب إلى الخيار العسكري أعطى ثقلاً خاصاً لتهديده مؤخراً باتخاذ إجراء أحادي ضد بيونغ يانغ، إذا لم تتدخل الصين لوقف البرنامج النووي لجارتها في الشمال.
يقول كيم يونغ هيون، الأستاذ في جامعة دونغوك، إن الضربة على سوريا إعلان نوايا يجب قراءته بمعنى أوسع.
ويضيف كيم أن الضربة توجِّه "رسالة إلى بيونغ يانغ بأن الولايات المتحدة لديها من لا يتردد في سحب مسدسه".
مع أن الضربة يمكن أن تحمل الشمال على التريث، لكن من المستبعد أن تحمل الزعيم الكوري الشمالي، الذي يعتبر السلاح النووي الضمانة الوحيدة لبقاء نظامه، على تغيير رأيه.
يضيف كيم: "على المدى البعيد لن تساعد العمليات العسكرية الأميركية في الخارج في ردع الطموحات النووية لكوريا الشمالية".
تصميم على حيازة السلاح النووي
نفَّذت كوريا الشمالية 5 تجارب نووية، اثنتان منها العام الماضي، ويوحي تحليل الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية بأنه يتم التحضير لتجربة سادسة.
ولم تظهر على بيونغ يانغ أي بوادر بالحد من تجاربها الصاروخية، بهدف التدرب على إطلاق صاروخ مزود برأس نووي يمكن أن يصيب الأراضي الأميركية.
إذا كانت دول عدة تعتبر الضربة ضد سوريا تحذيراً فإن بيونغ يانغ، التي غالباً ما تبرر سعيها لحيازة السلاح النووي بالعدائية الأميركية، معتادة على ذلك.
يقول جويل ويت، كبير المحللين في المعهد الأميركي الكوري في جامعة جونز هوبكنز: "من المستبعد أن يكون للضربة على سوريا أي تأثير ملحوظ على كوريا الشمالية، التي تدرك تماماً التهديد الذي تمثله الولايات المتحدة".
عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق في العام 2003 توارى الزعيم الكوري الشمالي الراحل كيم جون إيل عن الأنظار لمدة ستة أسابيع، وسرت شائعات بأنه اختبأ خوفاً من هجوم أميركي.
إلا أن تشانغ يونغ سوك، كبير الباحثين في معهد السلام والتوحيد في جامعة سيول الوطنية يرى أن نجل كيم، الزعيم الحالي كيم جونغ أون ليس مضطراً لأخذ احتياطات مشابهة.
وتابع تشانغ: "إذا كانت لديه أسلحة نووية فلن يشعر بالخوف من ضربة على سوريا".
بالفعل، نشرت وسائل الإعلام الكورية الشمالية صورة للزعيم وهو يتفقد مزارع للفطر وهو يبتسم.
تحذير إلى الصين
يبرز السؤال في هذه الحالة حول مدى تأثير لجوء الرئيس الأميركي إلى القوة على السياسة في الصين.
الصين هي الحليف السياسي والاقتصادي الأساسي لكوريا الشمالية، وتأثيرها على هذا النظام الانعزالي أكبر من أي دولة أخرى.
يريد ترامب على غرار أسلافه في البيت الأبيض من الصين أن تستخدم نفوذها لضبط سلوك الشمال، لكنه مضى أبعد منهم بأن هدد باتخاذ إجراء أحادي الجانب إذا لم تقم بكين بدورها.
في هذا الإطار، يمكن أن يكون للضربة على سوريا تأثير أكبر على بكين مما هو على بيونغ يانغ.
يقول وانغ دونغ، البروفسور المساعد ومدير كلية الدراسات الدولية في جامعة بكين: "إنها إشارة إلى أن إدارة ترامب لن تكتفي بالأقوال وستنتقل إلى التنفيذ".
مع أنه من الواضح أن صبر الصين نفد إزاء الاستفزازات النووية لجارتها في الشمال، إلا أنها تتجنب أي رد من شأنه أن يؤدي إلى انهيار النظام.
ويقول وانغ: "من وجهة نظر الصين لا يزال هناك مجال لحل دبلوماسي".
أما جيا كويكغو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بكين فيعتبر أن الترسانة النووية لكوريا الشمالية وموقعها الجيوسياسي الحساس معناه أن تبعات أي عمل عسكري يمكن أن تكون كارثية.
ويضيف جيا: "حركة بسيطة يمكن أن تترتب عليها كوارث. نحن هنا لسنا في العراق".
مع أن الإعلام الصيني ركَّز بشدة على تغطيته للقمة بين شي وترامب، إلا أنه بالكاد تناول الضربة على سوريا في بعض المقالات أو التعليقات.
الاستثناء الوحيد كان في صحيفة "غلوبال تايمز" القومية، التي ألمحت إلى أن "استعراض القوة لترامب" كان "متسرعاً وغير مدروس".
وتابعت الصحيفة: "كان التحرك الأول المهم لترامب على الساحة الدولية، ويترك انطباعاً بأنه تم بتسرع ولا يخلو من تناقضات".