من وجهة نظري فإن رؤية الإنسان للأفضل وتطلعه للمزيد من الإنجازات والنجاح في حد ذاته أفضل من عمله على ذلك.
ربما يتبادر إلى ذهنك ذلك السؤال: متى حدث ذلك التطور البشري؟
حدث ذلك التطور عندما أدرك الإنسان أن حياته ليست بالجميلة، ليست بذلك الشيء الذي يريد، لقد كان يريد التطور ويريد أن يبني أفضل من ذلك.
إن مصارحة أنفسنا بالسوء والفشل لهي أفضل من مليون ادعاء بالنجاح الواهم، ذلك الوهم الذي يصنعه الإنسان في عقله؛ ليستطيع العيش، وليستطيع كل يوم أن ينهض من سريره مستغلاً تلك الادعاءات الكاذبة.
أخبرني ماذا لو قلت لك إنك لن تظفر بأي نجاح في حياتك، لن يُذكر اسمك في الحياة، ستكون مجرد قطرة صغيرة تسقط في أرض الصحراء وسط عاصفة تمتصها تلك الأرض فتبقى أصغر من مجرد ذكرى؟ ماذا لو قلت لك إنه لا أحد سيتذكرك لن تكون مهماً في حياة أحدهم ولن يكون لك تأثير فعال في المجتمع؟
إذاً ما الذي يدفعك للنهوض من سريرك والذهاب إلى عملك أو مدرستك؟ ما الذي يدفعك للمحاولة؟ ما الذي يدفعك لمقاومة الفشل الحتمي؟
لا شيء.
ببساطة يبدأ التطور الحقيقي للإنسان وتبدأ المغامرة الفعلية للحياة عندما يرى الإنسان أن حياته مزرية مهما وصل من نجاح، تطلع الإنسان للأفضل وعدم وجود سقف لنجاحه هو سبب كل نعيم نحن فيه الآن.
ماذا إذا قال كل العلماء إنهم وصلوا لدرجة من النجاح ولا يريدون الآن ألا يسكنوا ويهدأوا وألا يفعلوا أي شيء؟ هل كنا سنرى كل ذلك التقدم؟!
سيكون الأمر في البداية صعباً، لنكن صريحين سيكون مفتكاً سيكون مثل ذلك النصل الذي غُرس في أعماقك، ولكن عندما تدرك الحقيقة عندما تواجهها بكل ما أوتيت من قوة عندما تدرك أن حياتك على المحك، وأن كل حياتك لا قيمة لها إذا لم تفعل شيئاً.
ستكون متحيراً ماذا عليَّ أن أفعل؟ أي طريق يجب أن أسلك؟ هل أكمل في ذلك الطريق؟ هل أضيع وقتي وصحتي وحياتي الاجتماعية من أجل ذلك الهدف؟
ولكن السؤال الأصعب: هل هو يستحق ذلك؟
ستطاردك الشكوك مثل شيطان لعين يوسوس للإنسان.
ستحولك تلك الأفكار والتساؤلات والشكوك من شاب في السادسة عشرة من عمره إلى رجل مسن في العقد الخامس من عمره.
لكن انتظر.. هل الحياة حالكة لتلك الدرجة؟ هل يجب أن أتخلى عن كل شيء (حياتي – وقتي – صحتي – وقت فراغي) من أجل تحقيق هدف؟
هل أنا بين نارين؟ نار أن أضيع كل شيء مقابل تحقيق هدف مقابل نار أن أعيش مهمّشاً أن أعيش شخصاً طبيعياً يعيش ويفنى دون أن يحقق أياً ما يُذكر به؟
نعم.. هي كذلك بل أسوأ وأفظع وأحلك من ذلك، ربما تفني حياتك كلها وراء هدف؛ لتكتشف في النهاية أنه مجرد سراب ووهم، هذا ما سوف تكتشفه بالطريقة الصعبة، أن الحياة يا عزيزي غير عادلة.
لكن هذا ما يجعلها حياة، ببساطة الحياة عبارة عن مقامرة، مغامرة، خطر، ولكن هذا ما يجعلها ممتعة.
إذا كان كل شيء سهلاً وبسيطاً في الحياة، وكل ما تحلم به تستطيع تحقيقه بسهولة إذاً ما فائدة الحياة؟
لذلك فإن أخطر نزاع للنفس في تلك الدنيا الفانية هو نزاع الوجود، ذلك النزاع الذي ستخرج غالباً منه خاسراً، ولكن إذا كنت من أصحاب العزم الشديد والصبر المديد فلا ضير من بعض الحظ، ربما حينها ستعطيك الحياة فرصة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.