مَن ينقذ الموصل؟

استمع إلى نشرات الأخبار البريطانية ليتفق الجميع على أن القتل تجاوز معنى الإنسانية! لكن الأهم أنّ داعش تقهقر بقواتها حتى الضحايا تُقلل من أعدادها (وربما من أهميتها)، لا عليّ بتكتيك عسكريّ فقد مللنا منه منذ حرب الخليج الأولى وقصف ملجأ العامرية والحيلة الكبرى هي استخدام الأهالي دروعاً بشرية ليُباد أكبر عدد من السكان.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/29 الساعة 01:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/29 الساعة 01:41 بتوقيت غرينتش

كلما هممت بالكتابة عن هذه الحدباء الشامخة بكبريائها تخور قواي من شدة الأسى ووقع مجازر القتل والدمار الشامل مُحكم الصنع.

تلك الحدباء الشامخة بأهلها ممن تركوها عنوة حفاة عراة وممن ظلوا فيها حتى هدّت طائرات التحالف بيوتهم وأزقتهم وأحياءهم على رؤوسهم وباتوا جثثاً هامدة تحت ركامها!

أيّ فتوى تلك التي تبيد مدينة بأكملها؟ أيّة خطة محكمة تلك التي تقتل الأطفال قبل الشباب والشيوخ والنساء من دون رحمة؟ غليلُ مَن تَشفي؟
نعرف الجواب والقاتل واحد يحوّر الجواب ليحلل القتل.

بخطة مُحكمة دُبرت بليل وطُبقت بنهار سواده حالك مظلم تسلل إلى هذه المدينة هذا الداعش "دون علم حكومة الخضراء" بعد أن أطفأ الكهرباء وكافة خطوط الاتصال ليبدأ الدمار، الهجوم على الموصل العربية الأصيلة، الموصل التي انبثقت منها القومية العربية في القرن الماضي، موصل الأصالة بكلّ ما تملك؛ ليدنسها قوم من أقوام الشرّ في قرننا الضلالي الحالي.

دُمّرت المتاحف، وفُجرّت المعالم والمكتبات، ومحيت الآثار بآليات حديثة الصنع؛ لتتوالى الأيام ويتوالى تحت كنفها السبي، وتزداد المجازر حتى إذا وصلت إلى منعطف تسميه "التحرير من داعش" تزرع داعشياً هنا وهناك؛ ليزداد الدمار ويا لَأهواله!

استمع إلى نشرات الأخبار البريطانية ليتفق الجميع على أن القتل تجاوز معنى الإنسانية! لكن الأهم أنّ داعش تقهقر بقواتها حتى الضحايا تُقلل من أعدادها (وربما من أهميتها)، لا عليّ بتكتيك عسكريّ فقد مللنا منه منذ حرب الخليج الأولى وقصف ملجأ العامرية والحيلة الكبرى هي استخدام الأهالي دروعاً بشرية ليُباد أكبر عدد من السكان.

أمّا الآن فالحيلة أكثر خبثاً تتمثل بطمأنة السكان بأن ديارهم آمنة؛ ليقتلوا وتعتصر أشلاؤهم بين الحجارة والحديد وتتطاير أخرى.

وها هم الأطفال يصرخون من تحت الركام ولا من مغيث، وها هي الطائرات تقصف فرحة بصرخاتهم تماماً، كما فرح ذاك الطيار الأميركي حين قصف بغداد عام 1991 وهو يقول: "ما أحلى قصفها كأنها شجرة عيد الميلاد"، وُلِدَت بغداد بعدها من جديد؛ لتُقصف كلّ يوم هي ومدن معينة أخرى، وليتركز القصف والتهجير على فئة معينة من السكان، فتزداد الطائفية، وليتم تمزيقها عنوة ومحو وجودها من الخارطة والتاريخ.

نزداد صراخاً يوماً بعد يوم ويعلو الصوت ولا من مجيب.
فمَن ينقذ الموصل؟ مَن ينقذ أطفالها وأهلها؟ هل ننتظر من الأمم المتحدة التدخل وليس لها إلا التنديد والقلق؟ هل نقبّل أقدام أميركا لتكثّف قصفها بأسلحة جديدة؟ هل نطأطئ لإيران وحقد الفرس متمرغ بهم منذ الأزل؟ مَنْ ينقذ الموصل وحكومة الخضراء أو الحمراء تضحك ضحكتها الصفراء؟ مَن ينقذ الموصل وسور الإنسانية مغلق.. مَن؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد