ماذا تخشى “إسرائيل” في سوريا؟

يكمن الخطر الذي تخشاه إسرائيل من سقوط نظام الأسد، فهي تخشى تحرك عمليات المقاومة ضدها التي لن يردعها رادع، ولن يتمكن العالم أجمع من السيطرة عليها في هذه المساحة الجغرافية الواسعة التي تمتد من تركيا إلى العراق إلى لبنان إلى الأردن.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/15 الساعة 01:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/15 الساعة 01:36 بتوقيت غرينتش

ماذا تخشى إسرائيل لتستثمر كل علاقاتها الدولية بشكل منقطع النظير في دعم بشار الأسد ونظامه الأمني وإقامة مظلة دولية لحمايته إمعاناً في دمار سوريا أو تقسيمها؟

لقد كان لبنان الذي تبلغ مساحته الكلية عشرة آلاف وأربعمائة كيلومتر مربع فقط نهباً للحرب الأهلية ودويلات الأحزاب والطوائف مثل "التقدمي الاشتراكي" في الجبل و"أمل" في الجنوب و"الكتائب والقوات" في شرق بيروت وجبل لبنان، وحركات متعددة في غرب بيروت ومنظمات فلسطينية في المخيمات، و"المرابطون" في طرابلس لبنان.

وكل ذلك على تلك الرقعة الصغيرة التي كانت تتناهبها الصراعات الطائفية والإقليمية والحرب الأهلية، وهي التي لها حدود مع فلسطين المحتلة جنوباً بطول نحو عشرين كيلومتراً فقط، ورغم كل ما سبق فقد كانت تلك الحدود ممراً لعشرات التنظيمات الفدائية وأعمال المقاومة الوطنية ما قبل نشوء "حزب الله" خلال سنوات طويلة، ورغم قصر هذه الحدود ورغم صغر مساحة لبنان التي هي عشرة آلاف وأربعمائة كيلومتر مربع.

ورغم تمزق لبنان بالحرب الأهلية ونشوء دويلات في داخله، فإن ضغط تلك المقاومة والعمليات جعلت إسرائيل تعيش قلقاً دائماً واستنزافاً دائماً اقتصادياً وأمنياً وبشرياً، ولم تنجح كل محاولاتها في لجم المقاومة رغم إنشاء شريط أمني، وإنشاء ميليشيات لبنانية تابعة لها ونشر التجسس والمراقبة بالتكنولوجيا المتطورة والاستطلاع الجوي والأقمار الصناعية وتجنيد العملاء ولم تُجدِ كل تلك الوسائل نفعاً حتى جاء "حزب الله"، وأمّن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وهي اليوم آمنه تماماً بفضل "مقاومته" منذ عام 2006، أي منذ عشر سنوات بالتمام والكمال.

أما في سوريا التي هي في معظمها من نسيج طائفي واحد، رغم وجود الأقليات، ومساحتها مائة وخمسة وثمانون ألف كيلومتر مربع، وتساوي تقريباً أكثر من سبعة عشر ضعفاً من مساحة لبنان، وهي بعمق يصل من الجولان إلى الحسكة أكثر من ألف وخمسمائة كيلومتر طولاً، وكذلك فإن طول الشريط الشائك مع الجولان المحتل أكثر من مائة كيلومتر، وهي منطقة مرتفعات وعرة في معظمها، وهذا يعتبر عمقاً استراتيجياً هائلاً لوجيستياً وبشرياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، ولا يمكن لـ"إسرائيل" أن تسيطر عليه أو تتعامل معه بكفاءة في حال سقوط نظام الأسد، وهذا بالمفهوم العقلي فوق قدرات إسرائيل البشرية بعيداً عن التقنية والسلاح.

وهنا يكمن الخطر الذي تخشاه إسرائيل في اعتقادي من سقوط نظام الأسد، فهي تخشى تحرك عمليات المقاومة ضدها التي لن يردعها رادع، ولن يتمكن العالم أجمع من السيطرة عليها في هذه المساحة الجغرافية الواسعة التي تمتد من تركيا إلى العراق إلى لبنان إلى الأردن.

ولذلك فإن إسرائيل تضع ثقلها السياسي في العالم كله، وفي مفاصل السياسة الدولية، وخصوصاً عند حلفائها الأميركيين وحلفائها تحت الطاولة من حكام العرب، لإطباق الحصار على سوريا، وخصوصاً الجنوب، ولدعم نظام الأسد المتآكل، مع سعيها أيضاً لدعم خيارات التقسيم لتصغير رقعة المناورة ضد احتلالها الغاصب في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ومن هنا يمكن الإجابة عما تخشاه "إسرائيل" وما يفسر سلوكها وسلوك حلفائها العرب والأميركيين.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد