كلفت النيابة الوطنية المالية في فرنسا مجموعة من القضاة بالتحقيق في شبهات وظائف وهمية تتهم بها عائلة المرشح اليميني الأبرز للرئاسة في فرنسا فرانسوا فيون، الذي يعيش أسوأ فتراته منذ ليلة سقوط ساركوزي، التي اختير فيها الرجل مرشحاً لليمين المعتدل الفرنسي، وكانت كل استطلاعات الرأي تضعه في المركز الأول في السباق نحو قصر الإليزيه المقرر في أبريل/نيسان 2017، قبل أن يحدث ما لم يكن في حسبان الرجل، فزوجته بنلوب فيون متهمة بغسيل أموال، والفضيحة تجوب فرنسا كلها، والأنصار والمقربون يطالبون الرجل بالانسحاب، وفيون يرفض ويصر على إكمال المعركة الانتخابية حتى النهاية، ولم تثنِه الملاحقات القضائية ولا الحرب الإعلامية الشرسة ولا أزمة اليمين التي أشعلت بسبب الفضيحة المدوية والتي نجح الرجل أخيراً في احتوائها.
آخر استطلاع للرأي في فرنسا أعدته مؤسسة أودسكا لحساب إذاعة فرنسا إنفو في العاشر من فبراير/شباط وخرج بأن نسبة 70 % من الفرنسيين يرغبون في انسحاب الرجل بعد الفضيحة المدوية، ورجح الاستطلاع أن يحل فرانسوا فيون، في حال مواصلته السباق الرئاسي، في المركز الثالث وراء مرشحة اليمين المتطرف ماريان لوبان بـ27%، التي شربت هي الأخرى من نفس الكأس.
فضائح اليمين الفرنسي توالت حين وجَّه القضاء في فرنسا تهمة استغلال الأموال الاجتماعية إلى أحد المقربين من مرشحة اليمين المتطرف ماريان لوبان؛ ليوجه الصفعة الثانية لمرشحي اليمين في فرنسا بشقيه المعتدل والمتطرف، ولتتواصل حلقات فضائح المرشحين اليمينيين للانتخابات الرئاسية في فرنسا، ويواصل معهم السباق نحو قصر الإليزيه 2017 إثارته وتشويقه، فتارة يبدو اليمين أقرب للفوز بعد الانسحاب التاريخي مطلع ديسمبر/كانو الأول 2016 من قِبل الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، وتارة أخرى يبتعد اليمين بمسافات كبيرة عن قصر الإليزيه بسبب الفضائح، وتبدو الكرة في ملعب اليسار الفرنسي.
فاليسار في فرنسا سيكون أبرز المستفيدين من التطورات والفضائح الأخيرة، وخاصة مرشحه مانويل ماكرون، الذي اعتبرته الصحافة الفرنسية الحصان الأسود للسباق الرئاسي، بعدما وضعه آخر استطلاعات الرأي في المركز الأول، ورئيس وزراء فرنسا الأسبق مانويل فالس الذي تخدمه كل ظروفه من تنحّي أولاند التاريخي إلى عاصفة الفضائح والملاحقات القضائية التي اجتاحت خصومه في اليمين، خاصة فيون وماريان.
تداعيات الفضائح اليمينية كانت الحدث الأبرز في فرنسا إن لم تكن أوروبا كلها، فالمظاهرات المنددة بفساد السياسيين وبقضية الوظائف الوهمية عمت شوارع مارسيليا وباريس، ولم تسلم مونبلييه ونيس وبقية المدن الفرنسية منها، في حين تظاهر آلاف الفرنسيين، الاثنين الماضي، مطالبين بانسحاب بعض المرشحين الذين طالتهم التهم القضائية من السباق الرئاسي أولاً، وبمحاسبتهم ثانياً، ففي جمهورية فرنسا حسب المتظاهرين لا أحد فوق طائلة القانون، والكل حسب الدستور الفرنسي سواسية.
هي انتخابات رئاسية فرنسية مثيرة جداً، وهو سباق رئاسي مشوق لا يستطيع أحد التكهن بنتيجته النهائية والحكم الأخير والفيصل سيكون الناخب الفرنسي، وفرنسا كلها بانتظار أبريل القادم.
وإن كانت استطلاعات الرأي الأخيرة قد استبعدت مرشحي اليمين من الفوز في الانتخابات الرئاسية، إلا أن كل شيء يبقى وارداً، فمن كان يتوقع أن يتحول المرشح اليميني الأبرز لخلافة الرئيس أولاند، الذي عصفت به الفضائح هو الآخر وأجبرته على التنحي، من كان يتوقع أن يأتي يوم على اليمين المنتشي وهو في وضع لا يحسد عليه، يتقدم برجل نحو قصر الإليزيه ثم يتراجع برجلين بسبب الفضائح والملاحقات القضائية؟!
فمن سيكون الرئيس القادم لفرنسا؟ وهل ستميل فرنسا لليمين أم لليسار؟
وبانتظار الأيام القادمة في واحد من أكثر الانتخابات تشويقاً في تاريخ فرنسا المعاصر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.