وماذا بعد؟؟

أصباح مستباحاً دم وعرض المسيحي على أرض مصر، أو أصبح وضعاً متعارفاً عليه ومعروفاً ومتكررا، يعني من الآخر واجع دماغك ليه؟! أو على رأي فيلم سمير وشهير وبهير، لا أنا متعود أتضرب كل يوم في الشارع ويوم الخميس والجمعة بييجوا يضربوني في البيت!

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/04 الساعة 01:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/04 الساعة 01:00 بتوقيت غرينتش

ربما هذه هي المرة الثالثة التي أحاول أن أكتب فيها هذا المقال، وربما لا أعرف من أين أبدأ ومين أين يجب في البداية أن أتحدث، فأنا كنت اتخذت قراراً ألا أتحدث في الأوضاع السياسية في مصر؛ نظراً لأن هناك كثيرين يحزنون ويعاتبونني عندما أتحدث في السياسة!

ولكن وجدت أنه من العار عليَّ ككاتب مصري قبطي مسيحي أن أرى ما يحدث لإخوتي في مصر وأصمت! وأن أرى كمَّ التخاذل وكمَّ عدم اللامبالاة في ردود الفعل، سواء الحكومة أو القادة الكنسيون، وكأنه أصباح مستباحاً دم وعرض المسيحي على أرض مصر، أو أصبح وضعاً متعارفاً عليه ومعروفاً ومتكررا، يعني من الآخر واجع دماغك ليه؟! أو على رأي فيلم سمير وشهير وبهير، لا أنا متعود أتضرب كل يوم في الشارع ويوم الخميس والجمعة بييجوا يضربوني في البيت!

في البداية دعني أخبرك -عزيزي القارئ- من هو القبطي المسيحي على مر التاريخ، المسيحي القبطي وبالتحديد المصري هو الذي واجه أنواعاً وألواناً عدة من العقاب والاضطهاد والعذاب في مقابل أن يترك مسيحَه ومعتقده ولم تهتز في رأسه شعرة واحدة، وقبل أن يواجه الموت وأن يموت فداءً لمعتقده وإيماناً به، فهو إنسان عرف من مسيحه، سواء كان إلهاً في نظره أو نبياً في معتقد المسلم، أنه في العالم سيكون له ضيق، وأنه سيأتي عليه الوقت الذي يظن فيه الذي يقتله أنه يقدم خدمة لله، وكأن الله إذا أراد أن يبيد المسيحيين أو أي فصيل من البشر لن يستطيع بكلمة من فمه، فالإنسان الذي يفكر بتلك الطريقة لا يعرف أن الله لديه القدرة أن يقول للشيء كُن فيكون!

المسيحي هو إنسان مؤمن بأن مدة عيشه على الأرض مهما طالت أو نقصت فهي في النهاية غربة، وأن وطنه الحقيقي في السماء وليس هنا على الأرض، وبالعكس أيضاً تشتاق نفس أي مسيحي للسماء بمجرد أن يبدأ يتعلم ويسمع قصص القديسين، ففي كنائسنا نحتفل بذكرى استشهاد أو انتقال القديسين إلى السماء وليس بذكرى ميلادهم الأرضي، وذلك لأن الكنيسة تريد أن تعلمنا منذ الصغر أننا لسنا من هنا، ولكن من السماء وإليها نعود.

صدقني -عزيزي القارئ- المسيحي لا يخشى الموت، ولكن كل ما أتعجب منه صمت الحكومة من الأحداث التي تحدث وتجاهلهم بأن الشعب القبطي بالتحديد عندما خرج في ثلاثين يونيو/حزيران خرج من أجل السلام وتأمين كنائسه ومنازلهم من البطش الذي كان من المتوقع أن يفعله أتباع التيار الإسلامي، وأنهم عندما خرجوا في ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني في ٢٠١١ خرجوا من أجل إيقاف البطش الذي كان يحدث بشكل مستفز ورديء للأقباط دون رد واضح وصريح تجاه ما يحدث!

وتأتي الآن بعد كل كم تلك الكوارث تقول لا بد أن نتحمل! من الحماقة التي أجدها في البعض الذي يفرح بزيارة الرئيس للبابا في قداس العيد أو بقرار كنيسة العاصمة الجديدة! ولا يدرون أن هذه حقوقهم الطبيعية، أنا لا أنتقد سيادة الرئيس ولكن بالفعل الأقباط احتياجاتهم أكبر بكثير من بناء كنيسة أو زيارة قداس، فالأقباط يريدون أن يشعروا بالأمان في وطنهم وأرضهم، يشعروا بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى وحقهم أن يعينوا في مناصب رفيعة المستوى وليست شرفية، وذلك في حالة إن وجدت.

رجاء قبل أن تفكروا في أن تقولوا إن الأقباط شركاء في الوطن، وإنهم من نسيج ذلك الوطن، انظروا للحقيقة والواقع حتى لا تكونوا كاذبين وغير عادلين في نفس الوقت.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد