مصارحة بتشخيص جوانب الأزمة

أطالب بتفسير ما أراه تناقضاً صارخاً بين الإصرار اللفظي ليلَ نهار من جانب (الهيئة التفاوضية) على تنحّي رأس النظام وعدم الاعتراف بشرعيته وبين إعلانها في جنيف عن الاستعداد للتفاوض المباشر مع وفد النظام الذي أرسله الأسد

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/04 الساعة 01:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/04 الساعة 01:05 بتوقيت غرينتش

"1"
من حق المواطن السوري كائناً مَن كان، وخصوصاً من الصامدين أمام جرائم نظام الاستبداد الأسدي والمنخرطين في ثورتهم منذ اندلاعها وعانوا وما زالوا، الأحياء منهم والشهداء والمعتقلون والمهجرون والمشردون، أن يكون على بينة من أمر قضيته، وأن يطالب من نصبوا أنفسهم (حقاً أو باطلاً) معارضين وممثلين عنه بالشفافية والصدق، وإنني كأحد هؤلاء المواطنين أطالب بتفسير ما أراه تناقضاً صارخاً بين الإصرار اللفظي ليلَ نهار من جانب (الهيئة التفاوضية) على تنحّي رأس النظام وعدم الاعتراف بشرعيته وبين إعلانها في جنيف عن الاستعداد للتفاوض المباشر مع وفد النظام الذي أرسله الأسد، وينطق باسمه، وهو اعتراف وقبول عملي به وبسُلطته، مما يجعلني ذلك أشعر بأن (الهيئة التفاوضية) تمارس الازدواجية، فتتوجه للسوريين بخطاب، وتتعامل مع النظام بخطاب آخر، وإنني لأطالب (الهيئة) بتحقيق المستحيل، بل أتمنى عليها عدم التضليل وحسم المواقف، خاصة بعد أن كشف السوريون التلاعب التضليلي السابق الخارج عن أهداف الثورة حول القبول بالنظام والمطالبة بتنحي رأسه.
"2"
قرأت اليوم بوست للسيد حكم البابا مهاجماً فيه الندوة التي عقدها أحد المراكز البحثية التابعة للدكتور عزمي بشارة، وبتمويل قطري وإدارة سوريين في موسكو، ومهما اختلف المرء مع بعض مواقف السيد البابا إلا أنه مصيب بهذا الشأن؛ لأن روسيا دولة عدوة ومحتلة لبلادنا وما زالت تمارس القتل والإبادة تجاه السوريين وليس فيها مؤسسات حرة مستقلة تماماً، كما في قطر؛ لذلك فإن كل ما يتم هناك لن يكون بمعزل عن رقابة واستغلال السلطات وتجييره لمصلحة سياسات موسكو، وكنا قد اتخذنا الموقف ذاته عندما قامت جماعات (ب ك ك وفرعها ب ي د) بعقد ندوة مماثلة قبل نحو أسبوع في موسكو، طبعاً لسنا ضد الندوات عندما تعقد في بلدان صديقة أو ديمقراطية، بل نحن -السوريين- في أمَس الحاجة إليها، ولكن عقدها في أحضان العدو أمر فيه نظر.

"3"

سعيد بكل المداخلات على فقرات مقالتي حول "مشروع إعادة البناء" وآمل الاستمرارية في النقاش؛ لأن الموضوع يهم الجميع، وأقصد بالجميع: كرد سوريا على وجه الخصوص، وشركاءنا بالوطن، وأشقاءنا في الجوار، وفي حقيقة الأمر، وكما أشار إلى ذلك عدد من الأصدقاء، فإن السبيل إلى نجاح مشروع التجديد هذا ليس بإعلان (بلاغ ختامي)، وليس لنجاحه توقيت حتى نقول (قبل فوات الأوان)، وليس من وظيفة المشروع (تغيير البنية الاجتماعية)؛ لأن ذلك يحتاج إلى عقود، فهو برنامج سياسي يسعى لإعادة تنظيم حركة وطنية قائمة منذ قرن تعبث بها الآن العقلية الحزبية بتغييب أصحابها الحقيقيين من الحراك الشبابي والوطنيين المستقلين والغالبية الشعبية، وعوامل إنجاز المشروع ترتبط بكل فرد من بنات وأبناء شعبنا من مشاركة بالنقاش حضورياً باللقاءات التشاورية في ساحاتهم، أو عبر الإعلام والفيسبوك كخطوة أولى لا بدَّ منها.

"4"

بمناسبة ذكرى اعتقال السيد عبدالله أوجلان (15 – 2 – 1999) من المفيد استذكار الوقائع التالية: بعد الحصول على تزكية الأخ الرئيس مسعود بارزاني وموافقته، قمنا الشهيد فرانسوا حريري القيادي بالبارتي وأنا بتوجيه رسالة وباسمي إلى أوجلان بدمشق قبل طرده من سوريا بعدة أسابيع، أدعوه فيها إلى المجيء للإقليم قبل ترحيله (حيث كنا نتوقع ذلك من خلال قراءتنا السياسية)، وأن يختار بين الالتحاق بجماعته أو البحث عن السلام عبر التحاور مع الحكومة التركية لإيجاد حل للقضية الكردية هناك، بوساطة قيادة الإقليم، ومن خلال المتابعة علمنا أنه طرح الرسالة على قياداته الرئيسية الذين اعترضوا جميعاً على مغادرته سوريا، والتوجه إلى الإقليم باستثناء شقيقه "فرهاد"، ثم حصل ما حصل، وما زالت تلك القيادات المغامرة الحاملة للأجندة الإقليمية تتحكم بمصير حزب أوجلان، وتعيث قمعاً وفتناً وتخريباً وتآمراً في الساحتين الكرديتين العراقية والسورية بشكل خاص (نص الرسالة في كتاب مذكراتي).

"5"

بدأنا نلمس ما بعد حلب وأستانا 1 تضييق المسافة بين سائر جماعات المعارضة، خاصة بعد أن تغاضت الهيئة التفاوضية، ومن ضمنها الائتلاف، عن إنجاز مهمة القيام بالمراجعة والدعوة إلى مؤتمر وطني جامع بالرغم من إرادة غالبية الوطنيين السوريين، ومطالبات العديد من أعضائها؛ مما جعلها بسبب ذلك التغاضي في إشكالية حقيقة تمثيل الثورة وحتى الفصائل المسلحة، إلى جانب تحويلها إلى "منصة" كسائر المنصات معرضة لمزيد من الانقسام السياسي والاختلاف حول خيارَي تغيير النظام أم تبديل رأسه فقط، وفي مراحل قادمة، والفرق شاسع بين النهجين، إلى جانب مغامرتها الأخيرة في التصرف (كممثل شرعي وحيد) في تعيين الوفد المفاوض إلى جنيف 4، وكأن هزيمتها لم تقع، وهي أمام حتمية تراجعها المرتقب بلحس قرارها.

على أي حال لا أعتقد -ورغم الحرص الشديد على وقف اعتداءات النظام وأعوانه- أن السوريين سينتظرون مفاجآت سارة من منصات معارضة كهذه، ونظام كهذا حتى لو تصالحا واتفقا في جنيف.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد