نعم.. العرب والكرد هم أقرب الأمم لبعض

لا يمكن للشارع الكردي النظر إلى هذا الصوت الحر إلا بعين الاحترام والتقدير، كما أن هذا الاحترام الكردي لا يمكن تفسيره بعيداً عن التطورات الجارية على الأرض في الشرق الأوسط والتحولات الكبيرة المتوقعة لخارطة المنطقة وظهور -مجدداً- مسألة حق الشعب الكردي في العيش على أرضه في وطن يجمع أبناءه.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/27 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/27 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش

في مقاله الأخير بجريدة "الشرق الأوسط" وتحت عنوان "تهديد بارزاني للمالكي: إيّاك أعني وافهمي يا جارة"، كتب الكاتب الأردني ووزير الإعلام السابق صالح القلاب مقالاً طرح فيه دعمه للقضية الكردية وإقامة كردستان، وأشاد بقرارات ومواقف القيادة الكردية في كردستان العراق.

حيث يقول في خاتمة مقاله: "إنه على العرب ألّا ينظروا إلى النزعة الاستقلالية الكردية بعين الريبة، وخاصة بعد كل هذه المتغيرات التي تشهدها هذه المنطقة، فلحظة حق هذا الشعب قد اقتربت، وعلينا أن ندعمه كشعب شقيق في الحصول على هذا الحق".

ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها هذا العربي الأصيل بمثل هذه المواقف النبيلة، فقد سبق أن كتب في جريدة "الرأي" الأردنية مقالاً، قال فيه: "إنه من حق هذه الأمة، الأمة الكردية، أن يكون لها ما لغيرها، وأنه من حق الشعب الكردي (الشقيق)، حقاً، أن يقرر مصيره بنفسه حيث يوجد -إن في إيران وإن بالعراق وإن في تركيا وإن بسوريا أيضاً، وأن يقيم دولته الوطنية كخطوة لإقامة دولته القومية المنشودة، فهذه مسألة لا يناهضها إلا عنصري لا يقبل لغيره ما يقبله لنفسه، ولذلك فإنه على هؤلاء (الأشقاء)، الذين لم يمتزجوا بأي أمة أخرى من أمم هذه المنطقة كما امتزجوا بالأمة العربية".

لا يمكن للشارع الكردي النظر إلى هذا الصوت الحر إلا بعين الاحترام والتقدير، كما أن هذا الاحترام الكردي لا يمكن تفسيره بعيداً عن التطورات الجارية على الأرض في الشرق الأوسط والتحولات الكبيرة المتوقعة لخارطة المنطقة وظهور -مجدداً- مسألة حق الشعب الكردي في العيش على أرضه في وطن يجمع أبناءه.

ومن دون شك، لا يمكن القفز على تاريخ من العلاقات الطويلة بين العرب والكرد كأمتين متجاورتين تربطهما روابط الدين والثقافة وبناء الحضارة الإسلامية، وليس افتراءً أن يُقال: إن الكرد هم أقرب الأمم للعرب والعكس بالعكس صحيح تماماً.

حقيقة، لا يفهم الكردي سر حقد بعض الكتّاب والمثقفين العرب الذين يصرون على اتباع منهج الشوفينية واتباع سياسة العنصرية بحقِّ أحد أكبر مكونات المنطقة وأمة الإسلام؛ لا بل يستغرب الشخص الكردي اتهامه على الدوام بالانفصالي وبأن موطنه كردستان هو إسرائيل الجديدة!

يستمر بكل أسف، تعرّض الكرد إلى يومنا هذا للجحود من مجموعات من القوميين العرب أصحاب العقلية العفلقية والمتسمين بالتعصب القومي والعنصرية.

صحيح هناك مواقف لكتّاب عرب آخرين في سوريا، والعراق ومصر، لا تقل نبالة عما خرج به السيد صالح القلاب، لكنها جميعاً تبقى محاولات فردية أمام سيل من الاتهامات وعدم الاعتراف بهوية شعب أصيل للمنطقة. ويبقى السؤال: كم "صالح" من مثقفي العرب يحتاج الكرد لفهم قضيتهم؟

تمتلأ الدول العربية بالكثير من مراكز الأبحاث التي نادراً ما تناقش في مؤتمراتها القضية الكردية، ويواظب فئة من الباحثين العرب على إبراز هوية الشعب الكردي على أنه عبارة عن مجموعة مهاجرة، وحتى الذهاب بأن أصله عربي!

إن مساهمات الكرد في الدين واللغة العربية وتدوين التاريخ الإسلامي، لا يمكن نكرانها إلا من جانب أصحاب القلوب السوداء وأقلام الحقد.

قطعت الدول الغربية أشواطاً متقدمة في مجالات التنمية والحرية والديمقراطية بعد اعترافها بحقوق كل فرد وقومية على أرضها وجوارها.

ففي منطقة تحاط فيها كردستان بثلاث من كبرى قوميات الشرق الأوسط، لا يجد الكردي نفسه إلا قريباً للحضارة العربية؛ فهو يتكلم لغتها، واختلط مع أبنائها في كل الأزمان وحارب معهم.

يستحق الشعب الكردي وقفة من أخيه العربي، خصوصاً دول المحيط الأكثر اختلاطاً بالكرد، وحان الوقت لأن ينظر العربي فعلاً إلى الكردي كأخ وله الحق في دولة له كما لغيره من العجم من الفرس والترك الذين ظلموا العرب والكرد معاً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد