أحزاب كُرد سوريا بين المطالب القومية وخلافاتها الداخلية

يُراقب كرد سوريا، وهم الطرف الأبرز الذي يخوض حرباً ضد تنظيم داعش، المشهد بعين القلق في ظل غياب الولايات المتحدة الأميركية، الحليف العسكري الوحيد الداعم للقوات الكردية، عن وضع بنود الاتفاق.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/24 الساعة 01:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/24 الساعة 01:23 بتوقيت غرينتش

تعيش الأوساط الشبابية والثقافية الكردية في سوريا حالة من الإحباط وخيبة الأمل، بسبب الأوضاع السياسية القائمة في المناطق الكردية التي تسودها حالة من الخلاف والتشرذم، كما أن هناك شعوراً بالمرارة ينتاب معظم الناشطين من أن الفصائل السياسية الكردية قد خذلتهم، ولم تعبر عن طموحات الشعب الكردي ومطالبه القومية خلال سنوات الانتفاضة السورية الست، وما شهدته المنطقة عموماً من تغيير.

تزداد هذه المخاوف بعد التطورات الميدانية الأخيرة في سوريا، وتتبدل المواقف السياسية، خاصة بعد الاتفاق الروسي – التركي الأخير.

يُراقب كرد سوريا، وهم الطرف الأبرز الذي يخوض حرباً ضد تنظيم داعش، المشهد بعين القلق في ظل غياب الولايات المتحدة الأميركية، الحليف العسكري الوحيد الداعم للقوات الكردية، عن وضع بنود الاتفاق.

تزداد الخشية من أن يتم تسليم إدارة الملف السوري إلى روسيا التي لن تضحي بنظام بشار الأسد لصالح الكرد، كما أن التعاون القائم حالياً بينها وبين تركيا فيما يتعلق بالملف السوري سيترك من دون شك تبعاته السلبية على الدور المستقبلي للكرد في رسم خارطة سورية بالنظر إلى الرغبة التركية الدائمة بإضعاف الكرد لصالح أطياف من المعارضة تدعمها.

يُصعب حقيقة فهم الخلاف الموجود بين فصائل الحركة الكردية السورية إذا انطلقنا من مبدأ أنها جميعاً تحمل أهدافاً قومية في برامجها السياسية، التي كانت الأساس الذي نادت به هذه الأحزاب عند تشكلها في أواسط وأواخر القرن الماضي في سوريا.

تُشكل إدارة المناطق الكردية السورية والتعامل مع المعارضة السورية جوهر الخلاف والملف الأكثر تعقيداً بين الطرفين الرئيسين المُتمثلين بالمجلس الوطني الكردي والإدارة الذاتية اللذين يعيشان حرباً كلامية وإعلامية في إلقاء اللوم، وتبادل التهم إزاء الجمود السياسي الحاصل، فشلت الأحزاب الكردية السورية على كثرتها في الامتحان الداخلي، وهو وحدة الصف، وهي التي ناضلت لأربعة عقود في ظل حكم عائلة الأسد، وبقيت مُقسمة يُشفع لها حجم الاضطهاد السياسي والأمني الذي تعرضت له.

صحيح عملياً لا يمكن تهديد المناطق الكردية عسكرياً في الوقت الراهن، ربما لتواجد القوات الأميركية، لكن الانقسام السياسي بعد انطلاق الانتفاضة السورية هو الأخطر داخلياً وإقليمياً، وسيؤثر سلباً على المطالب القومية الكردية، التي لا يجب أن تقتصر على حقوق ثقافية واجتماعية؛ بل يجب أن تبقى على الدوام مسألة مصيرية، كالفيدرالية وتثبيت هوية الشعب الكردي كجزء من أمة قسمت على حدود أربع دول، ويعيش على أرضه.

ترفض كل من المعارضة والنظام المطالب القومية للكرد، مستفيدين من ضعف ديناميكية الأحزاب الكردية، وافتقارها إلى جسم سياسي متكامل، ومنسجم مع طموحات الشعب الكردي.
النظام ما زال متمسكاً بعقليته الإقصائية التي ترفض أي اعتراف بوجود الشعب الكردي يشاركه في ذلك المعارضة ذات الصبغة الإسلامية التي تتحكم فيها تركيا، وهي ترفض تماماً أيَّ شكل من أشكال الحكم الذاتي للكرد على حدودها.

هناك غموض يكتنف الموقف الروسي والأميركي فيما يتعلق بالمطالبة الكردية بالفيدرالية، لكن حماسهما للفكرة سيزداد عند وجود إجماع سياسي كردي حيال الموضوع.

إن لعب السياسة بطريقة بارعة والتفاوض مستقبلاً مع كافة الأطراف السورية يتطلب من ساسة كرد سوريا أن يضعوا خلافاتهم وانقساماتهم جانباً لمواجهة التهديدات الإقليمية التي لا تتوقف وطرح المطالب القومية للشعب الكردي في سوريا بالصورة المثلى التي تضمن حقوقهم في الدستور، لا عن طريق إطلاق شعارات وتصريحات رنانة في الإعلام، عدا ذلك سيبقى آلاف من كرد سوريا في المخيمات وبلاد الاغتراب، وسيُحرم الشعب الكردي من حقوقه مجدداً وسط هذه الفرصة التاريخية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد