ما هي أحدث وسائل الإعلام الأميركية لإسقاط ترامب؟

يسعى الناشطون منذ وقتٍ طويل لكسرِ المحظورات الخاصة بقضايا الصحة النفسية؛ إذ يُعاني مُعظم الناس من المشكلات النفسية بدرجاتٍ متفاوتة في إحدى مراحل حياتهم، وبالتالي: من المقصودون بكلمة "البشر الطبيعيين"؟ وماذا نعني بهذه الكلمة؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/22 الساعة 04:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/22 الساعة 04:49 بتوقيت غرينتش

يطرح الأطباء النفسيون في الولايات المتحدة العديد من التساؤلات حول سلامة الصحة العقلية والنفسية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليكسروا بذلك قاعدةً ظلت صامدةً لوقتٍ طويل. كانت تلك القاعدة تنص على أنَّه لا ينبغي على الخبراء "تشخيص" حالة شخصٍ ما، حتى وإن كان شخصيةً عامة، دون إجراء الفحوصات عليه بأنفسهم. ولا ينبغي عليهم بالطبع أن يكشفوا عن حالته لعامة الناس. وبينما تُعَد هذه الوسيلة أحدث وسائل الهجوم على هذا الرئيس المُثير للجدل، إلَّا أنَّها ربما تتسبَّب في خطرٍ كبير، وهو إعادة التصوُّرات عن الصحة النفسية أعواماً إلى الوراء.

يسعى الناشطون منذ وقتٍ طويل لكسرِ المحظورات الخاصة بقضايا الصحة النفسية؛ إذ يُعاني مُعظم الناس من المشكلات النفسية بدرجاتٍ متفاوتة في إحدى مراحل حياتهم، وبالتالي: من المقصودون بكلمة "البشر الطبيعيين"؟ وماذا نعني بهذه الكلمة؟ في الحقيقة المعاناة من بعض المشكلات النفسية هي القاعدة الطبيعية، ويتمثل التحدّي في تغيير نظرة الناس إلى من يواجه هذه المشكلات على أنّه شخصٌ "مريض"، أو "غريب"، أو "مجنون". وكنَّا، على ما يبدو، على وشك تحقيق ذلك، إلى أن جاء ترامب.

مُهرِّج، ومجنون، ومجنونٌ خطير، ونرجسي، ومتعطش للسلطة، وغير مُناسب لإدارة الدولة. من السهل جداً أن تُطلق ما تشاء من الألقاب على شخصٍ لا تُحبه. ولكن هذا الهجوم الأخير على ترامب يقتبس ألفاظاً خاصة "بالصحة النفسية"، هذه الألقاب برَّاقة جداً، وتلتصق بمن يُنعَت بها بسهولة، فضلاً عن أنها مُناسبةٌ جداً إذا أردت إطلاقها على شخصٍ واحدٍ، أو على مجموعةٍ من الناس. ولهذا، إن كنت تعاني من مشكلاتٍ تتعلق بالصحة النفسية، فهذا يعني أنَّك الآن "أحمق" تماماً مثل ترامب. ولا يجب أن تكون محلَّ ثقة لأنّك معتوه. قد لا تكون رئيساً للولايات المتحدة، ولكن هل أنت متأكدٌ من قدرتك على تولِّي مسؤولية شؤون وظيفتك؟ هل ينبغي أن يسيطر القلق على مُديرينك؟ ربما ينبغي عليهم إقالتك.

المشكلة أنَّ ترامب لم يحظَ أبداً بودّ العالَم أو تعاطفه. لو كان باراك أوباما قد ظهرت عليه أعراضٌ للمرض النفسي، هل كان سيلقى مُعاملةً لطيفة؟ أظن ذلك. وكنا سنقول إنَّه إذا كان رجلٌ مثل أوباما يمكن أن يعاني من هذه المشكلات، فأي شخصٍ قد يعاني منها أيضاً، هذا أمرٌ طبيعي، وكان من الممكن أن نكشف جميعنا عن المشكلات النفسية التي نواجهها دون خوفٍ من التعرُّض للانتقاد. ولكن لأن ترامب الآن هو من يمثل نموذج المريض النفسي، فرجاءً لا تنبس ببنت شفةٍ عن معاناتك، وإلا ستلاقي المعاملة نفسها التي يواجهها.

لست متعاطفةً مع ترامب، فوجوده في منصب الرئاسة كارثة؛ لأنَّه لا يملك الحنكة السياسية اللازمة. ولا أكتب تلك الكلمات لِشعوري بالشفقة تجاهه، ولكنني أكتبها بعد أن لاحظتُ هذه العودة الهائلة إلى الوراء في ظل ما يفعله الأطباء النفسيون ووسائل الإعلام من استخدام المرض النفسي كوسيلةٍ لإهانة شخصٍ ما أو لإسقاطه من منصبه.

ليست أسوأ فَعلةً ارتكبها الأطباء النفسيون في الولايات المتحدة في هذا الأمر هي الانفصال عن مبادئهم، بل نسيانهم لمسؤوليتهم تجاه جميع الأشخاص الذين يعانون من المشكلات النفسية، والتي تقضي بعدم ترسيخ النظرة إلى تلك المشكلات كوصمة عار، وهذا بعيدٌ كل البُعد عن الأخلاق.

– هذا الموضوع مترجم عن النسخة البريطانية لهافينغتون بوست؛ للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد