قال قائد الشرطة الوطنية الإندونيسية، نقلاً عن معلوماتٍ وردت إليه من السلطات الماليزية، إنَّ سيدةً إندونيسية أُلقي القبض عليها للاشتباه في تورطها في مقتل الأخ غير الشقيق للديكتاتور الكوري الشمالي كيم جونغ أون في ماليزيا خُدِعَت بالاعتقاد بأنَّها كانت جزءاً من برنامج مقالب تلفزيونية.
وفي هذه الأثناء، قالت الشرطة الماليزية السبت، 18 فبراير/شباط، إنَّها ألقت القبض على رجلٍ كوري شمالي على صلةٍ بحادثة القتل.
وحُدِّدت هوية الرجل الذي يُدعى ري جونغ شول، المولود في العام 1970. وقالت الشرطة في بيانٍ لها إنَّه قد أُلقي القبض عليه مساء الجمعة، 17 فبراير/شباط، في ولاية سيلانغور. ويُعَد شول هو رابع مُشتبه به يُلقى القبض عليه بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقال تيتو كارنافيان، قائد الشرطة الوطنية الإندونيسية، للصحفيين في إقليم أتشيه الإندونيسي إنَّ السيدة الإندونيسية، ستي عيشة البالغة من العُمر 25 عاماً، تلقَّت أموالاً من أجل المشاركة في المقلب.
حيل تلفزيونية
وقال إنَّها، أي ستي عيشة، وسيدة أخرى قامتا بحيلٍ تضمَّنت إقناع رجالٍ بإغلاق أعينهم ثم رشِّهم بعد ذلك بالماء.
وقال كارنافيان إنَّ "مثل هذا العمل قد جرى ثلاث أو أربع مراتٍ، وتقاضتا بضع دولاراتٍ مقابله، ومع هدفهما الأخير، كيم جونغ نام، يُزعَم أنَّ البخَّاخ احتوى على مواد خطرة".
وأضاف: "لم تكن مُدركةً بأنَّها كانت محاولة اغتيالٍ من جانب من يُزعَم كوْنهم عملاء أجانب".
وقالت عائلة ستي عيشة إنَّها صُدِمت بسماعها بتورُّطها في القضية، واصفةً إيَّاها بالأم المُكافِحة التي سافرت إلى ماليزيا من أجل العمل.
وكان قد أُلقي القبض كذلك على صديقها الماليزي من جانب الشرطة في وقتٍ متأخر من يوم الخميس، فبراير/شباط. وتواصل الشرطة ملاحقة شركاء آخرين مزعومين.
وتُحقِّق السلطات فيما إذا كانت سيتي والسيدة الأخرى المُشتبه بها قد قَتلتا كيم جونغ نام، الكوري الشمالي المَنفيّ البالغ من العمر 46 عاماً، في إحدى ساحات التسوُّق بمطار كوالالمبور الدولي الإثنين، 13 فبراير/شباط.
وجاءت مداخلة كارنافيان، التي تستند إلى معلوماتٍ لم يمكن التحقق منها من مصدرٍ مستقل، في الوقت الذي برز فيه توتُّرٌ دبلوماسي بين ماليزيا وكوريا الشمالية، وظهرت فيه تفاصيلٌ حول تحرُّكات السيدة الثانية المُشتبه بها والتي اعتُقِلَت على خلفية اغتياله الواضح.
وأجرت ماليزيا تشريحاً ثانياً لجثمان كيم لأنَّ الأول لم يكن حاسماً.
وفي وقتٍ متأخر من يوم الجمعة، 17 فبراير/شباط، قال سفير كوريا الشمالية لدى ماليزيا إنَّ بلاده سترفض نتائج التشريح، وطالب بالإفراج عن الجثمان على الفور.
وأضاف السفير كانغ شول: "أجرى الجانب الماليزي تشريح الجثمان رغماً عنا ودون تصريحٍ أو حضورٍ منا، وسنرفض بشكلٍ قاطع نتيجة التشريح الذي جرى بصورةٍ أحادية مُستبعِداً حضورنا".
وقال كانغ إنَّ الشرطة الماليزية تعرَّضت لضغوطٍ من جانب القوى المعادية، وبالأخص كوريا الجنوبية، وأنَّ تشريح الجثمان كان انتهاكاً لحقوق الإنسان.
وقالت الشرطة في كوالالمبور الجمعة، 17 فبراير/شباط، إنَّها لن تُذعِن لطلبٍ كوري شمالي لتسليم جثة كيم إلا حينما يكون الطلب صادراً عن أحد أقرباء كيم، أو بعد تقديم عينات حمض نووي (DNA) تثبت صلة القرابة بينه وبين مُقدم الطلب.
السيدة الأخرى
ووفقاً لأحد موظَّفي الاستقبال الذين تحدَّثوا لوكالة "رويترز" إنَّ السيدة الثانية المُشتبه بها، التي التقطت كاميرات المراقبة صوراً لها داخل المطار أثناء ارتدائها قميصاً كُتِبت عليه كلمة "LOL – أي الضحك بصوتٍ مرتفع"، وأُلقي القبض عليها الأربعاء، 15 فبراير/شباط، وبحوزتها جواز سفرٍ فيتنامي، كانت قد أقامت بفندقٍ قريبٍ من المطار خلال الأيام التي تلت الهجوم، وحجزت فيه الغرفة الأرخص، وكانت تحمل معها لفافة من الأوراق النقدية.
وقد غيَّرت مكان إقامتها مرتين. وقال الموظَّفون في الفندق الثاني إنَّها استعارت مِقصَّاً من مكتب الاستقبال في الليلة التي سبقت الهجوم، وإنَّ عضواً من طاقم خدمة الغرف وجد شعراً على الأرضية وفي سلة المهملات في اليوم التالي.
وحجزت بعد ذلك في فندقٍ آخر بعد ظهر يوم الاثنين، 13 فبراير/شباط. ولا يُعرَف ما الذي كانت ستقوم به تالياً قبل أن يُلقى القبض عليها.
وقال قائد شرطة ولاية سيلانغور، عبد السماح مات، إنَّ جثة كيم لن يُفرَج عنها إلى حين التأكُّد من هُوية الضحية.
وقال لوكالة "رويترز": "لقد تلقَّينا الطلب من السفارة الكورية الشمالية بالأمس فقط".
وأضاف: "نحتاج إلى جمع عينات الحمض النووي (DNA) من الأقارب المباشرين حتى نحصل على أدلةٍ قوية حول هُوية الضحية".
وقد أظهر دبلوماسيون من السفارة الكورية الشمالية اهتماماً بالغاً بالقضية، وقضوا ساعاتٍ طوال في المشرحة الأربعاء، 15 فبراير/شباط، وطلبوا حراسة جثمان كيم على أساس أنَّ لديه جواز سفر كوري شمالي.
وأفادت تقارير بأنَّ مسؤولين كوريين شماليين رفضوا تشريح الجثمان، لكنَّ السلطات الماليزية مضت قُدُماً في الإجراء على أي حال لأنَّها لم تتلقَّ أية شكوى رسمية.
وقالت الشرطة لصحيفة "الغارديان" إنَّ العينات قد أُرسِلَت إلى أحد المختبرات للحصول على تقرير السموم، وهو إجراءٌ قد يستغرق عدة أيام.
ولم تقم وسائل الإعلام الكورية الشمالية بأية إشارةٍ إلى وفاة كيم. ويقول أشخاصٌ مُقرَّبون منه إنَّه كان مُستهدفاً منذ فترةٍ طويلة من قِبَل أخيه غير الشقيق، كيم جونغ أون.
وقال صديقٌ له من فترة الدراسة لصحيفة "الغارديان" إنَّ كيم، الذي أفادت التقارير بتقسيمه لوقته بين ماكاو، والصين، وسنغافورة، خشي على حياته، وكان يُخطِّط مؤخراً للقيام برحلةٍ إلى أوروبا.
اسم مستعار
وقال نائب رئيس الوزراء الماليزي، أحمد زاهد حميدي، الخميس، 16 فبراير/شباط، إنَّ كيم كان يسافر باستخدام اسمٍ مُستعار، وهو "كيم شول".
وقال: "بحثنا في إمكانية أن يكون قد سافر باستخدام جواز سفرٍ مُزوَّر. أعتقد أنَّه حمل بطاقتي هوية مختلفتين. وربما تكون تلك وثيقةٌ سرية".
وقال حميدي إنَّ الجثمان سيُفرَج عنه لكوريا الشمالية بمجرد اكتمال "الإجراءات الأمنية والطبية".
وأضاف أنَّ "سبب الوفاة سيجري تأكيده من جانب الشرطة، والتي ستُصدر بياناً حول الأمر".
وتُعَد ماليزيا واحدةً من الدول القليلة للغاية في العالم التى تحظى بعلاقاتٍ مُطبَّعة مع كوريا الشمالية وبإمكانية السفر إليها دون تأشيرة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، عقد العديد من الدبلوماسيين الأميركيين محادثاتٍ مع مسؤولين بارزين من بيونغ يانغ في كوالالمبور.
وتُوجد جالية كورية شمالية صغيرة تعيش في العاصمة الماليزية كوالالمبور، على الرغم من أنَّ المتاجر والمطاعم التي يمتلكها المُغتربون قد أُغلِقت هذا الأسبوع.
وكان يُنظَر لكيم ذات مرة على أنَّه وريثٌ لوالده، كيم جونغ إيل، لكنَّه نُبِذ في 2001 بعد محاولةٍ فاشلة لدخول اليابان بجواز سفرٍ مزوَّر، لزيارة "ديزني لاند" على ما يبدو.
ومع ذلك، قال يوجي موغي، وهو صحفي ياباني وصديقٌ سابق لكيم، إنَّه كان قد أصبح مُحبَطاً بالفعل بديكتاتورية كوريا الشمالية في بداية التسعينات حينما "رأى حقيقة وضع البلاد".
وكان كيم قد قضى سنواتٍ عديدة في سويسرا، وروسيا، واستقرَّ لاحقاً في ماكاو. وقالت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية لمُشرِّعين في سيئول إنَّ كيم كان يحظى بحماية الصين.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.