ماذا عن ترامب؟

في بادئ الأمر، كنا نظن أن كلام ترامب مجدر ديماغوجية يريد أن يزيد قاعدته الجماهيرية من خلالها، إلا أن قراراته الأخيرة تجعلنا نشك في رأينا السابق، وتصريحاته ترغمنا على طرح تساؤلات حول ما سيحدث في المستقبل، وتولّد قلقاً كبيراً عند الكثير من شعوب العالم، وخصوصاً عند المسلمين.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/17 الساعة 02:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/17 الساعة 02:04 بتوقيت غرينتش

منذ بدء انطلاق الحملات الترويجية للانتخابات الرئاسية الاميركية، والعالم يترقب بشدة ما يجري هناك، وخصوصاً بعد ان صار المتنافسان اثنان فقط، عن الحزب الديمقراطي؛ الدبلوماسية المخضرمة كلينتون، وعن الجمهوري؛ ترامب، فالمنافسة الكبيرة سببت توتراً وجدلاً واسعاً في انحاء العالم.

جميع الشعوب كانت مترقبة ومتحمسة لهذه الانتخابات، وخصوصاً العرب منهم، لأنهم على علم ان السياسات الاميركية لها القدرة على التحكم في بلدان العرب، اكثر من الحكومات العربية نفسها، كما هم يعرفون ان كل ماحدث في بلدانهم كانت لاميركا يد فيه، من الربيع العربي والثورات والانقلابات العسكرية، وحتى ظهور التنظيمات الارهابية المسلحة.

لذلك كانت هذه الشعوب ناقمة وممتعضة من سياسات الحزب الديمقراطي، مما جعل الانظار تتوجه نحو المنافس الاخر؛ ترامب، والاخير كانت له تصرفات غير تقليدية، وخطابات ذات نمط جديد، وذاك سبب زيادة حظوظه بالفوز، حتى حسم الشعب الاميركي منصب الرئيس له.

تصريحات ترامب اخذت تزداد بعد فوزه، بعدما كانت التوقعات ترى انها مجرد دعايات انتخابية سيكف عنها بمجرد فوزه، الا انه فاجئ الجميع وظل مصراً على ارائه ووعوده، ونظرته المختلفة عن منافسيه وسابقيه، على الرغم من اراءه سببت امتعاضاً شديداً من قبل شعوب العالم، وحتى الشعب الاميركي نفسه، وتصميمه يدل على دوغمائيته الشديدة، والدوغمائية امر خطير، وخصوصاً ان كانت تسيطر على رئيس اقوى دولة في العالم!

بعد تولي ترامب منصبه رسمياً، اثير جدلاً واسعاً في مناطق شتى من العالم، حتى وصلت الى مظاهرات مناهضة له منذ يوم التنصيب وحتى اليوم، وقراراته الاخيرة، زادت من ذاك الامتعاض، وبالاخص قراره المتعلق باللاجئين، وتصريحاته حول الرغبة في بناء جدار يفصل بين اميركا والمكسيك، كما سبب غضباً من حكومات عديدة، كـ ايران والمكسيك وكندا وغيرها.

في بادئ الامر، كنا نظن ان كلام ترامب مجدر ديماغوجية يريد ان يزيد قاعدته الجماهيرية من خلالها، إلا ان قرارته الاخيرة تجعلنا نشك في رأينا السابق، وتصريحاته ترغمنا على طرح تساؤلات حول ما سيحدث في المستقبل، وتولد قلقاً كبيراً عند العديد من شعوب العالم، وخصوصاً عند المسلمين.

فهو قد استهدف المسلمين في تصريحاته وقراراته، ومن الواضح انه ينظر للاسلام، كما ينظر للارهاب، وقد اصر في خطاباته ان يذكر مصطلح "الارهاب الاسلامي" وكأن لا ارهابيين سوى من المسلمين، يبدو انه نسي الماضي، او لم يقرأ التاريخ، فهو لو فعل ذلك، لعلم ان التاريخ ملئ بابشع الجرائم، واكثرها كانت من غير المسلمين! على العموم لسنا هنا بصدد الدفاع عن احد.

وما يعبر عنه بصراحة يثير الكثير من الشكوك والتساؤلات، فهل سيكون ترامب هو النازي الجديد؟ وهل سينصب المحارق من جديد، لكن هذه المرة ستكون للمسلمين؟ وهل سيقدم فعلاً على شن حرب مع إيران؟ فان فعل ذلك فأول المتضررين ستكون الدول المجاورة للأخيرة، وهل سيقدم على شن حرب عالمية ثالثة؟ وهل سيهاجم الدول التي يراها ضعيفة بهدف الاستيلاء عليها؟ فمن الواضح انه معجب بدور الامبراطور! ام ان ترامب لن يكمل دورته الرئاسية اساساً؟

السياسة الاميركية معروفة باقدامها على كل شئ في سبيل مصالحها، فهي لاترغب الا بان تبقى الاقوى، وبذاك يمكنها تزعم العالم، وهي لن تنظر لما خلفته من اضرار ورائها، ومصطلح " اميركا اولاً" الذي اطلقه ترامب، ليس بالامر الجديد والغريب، الا ان صراحة ترامب ووضوحه يدل على ان هذه الرغبة ستزداد في عصره!

وتصرفاته التي أدت الى إقالة واستقالة العديد من قادة الدولة الاميركية، تدل على انه شخصية اوتوقراطية، وتصريحاته المشينة حول العراق والسيطرة عليه، او التحكم في دول العالم، تكشف انه سيكثف حربه على منافسيه في الداخل والخارج، ورؤيته اللامتزنة توضح انه لن يهتم للفوضى التي سيسببها، والخوف من قادم الايام، وسنرى..!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد