هل ستتخلى الولايات المتحدة عن كورد سورية بعد اتفاق السلام الجديد ؟

هناك مرارة في ذاكرة الكرد السياسية عندما يتعلق الأمر بتاريخ العلاقات الكردية - الأميركية؛ حيث تخلت عنهم الولايات المتحدة في مراحل حساسة، كما أن انسحاب إدارة أوباما من نزاعات الشرق الأوسط في مسألة السياسة الخارجية يجعل كرد سوريا قلقين بشأن مستقبلهم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/13 الساعة 06:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/13 الساعة 06:24 بتوقيت غرينتش

أُعلن عن اتفاق سلام جديد لحل الأزمة في سوريا التي مضى على اندلاع فتيلها ما يقارب الستة أعوام؛ حيث من المتوقع أن تعقد الحكومة السورية والمعارضة محادثات سلام في الأستانة عاصمة كازاخستان أواسط هذا الشهر من العام الجديد.

وبحسب ما نقلته وكالة رويترز، فإن سوريا ستقسم إلى مناطق نفوذ غير رسمية للقوى الإقليمية، الغريب في الأمر هو غياب الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة وحضور كل من روسيا وتركيا في وضع بنود الاتفاق.

يراقب كُرد سوريا، وهم الذين أحرزوا مكاسب كبيرة في حربهم ضد تنظيم داعش، هذه التطورات وتبدل المواقف بين كل من روسيا وتركيا بعين الخوف، هذا الخوف ناجم عن مزاعم تركية بأن قوات وحدات حماية الشعب الكردية ليست جزءاً من اتفاق الهدنة، لم يخرج الجانب الروسي بأية تصريحات رسمية من هذه المناقشات السياسية فيما يتعلق بالكرد، لكن ما هو مؤكد الرغبة التركية في تهميش دور كرد سوريا في رسم خطط مستقبل سوريا.

طالبت تركيا مراراً بأن لا يلعب المقاتلون الكرد أي دور في عملية تحرير الرقة، آخر معاقل تنظيم داعش في شمال سوريا، ومع اتباع تركيا لاستراتيجية جديدة في تعاطيها مع الملف السوري يخشى من استهدافها للمناطق الكردية.

أظهرت التطورات الأخيرة في مدينة حلب أن تركيا قد تخلت عن قضية تغيير النظام في سوريا وأصبحت أكثر انشغالاً بالسيطرة على الباب، البلدة التي تقع على بعد 40 كم من شمال شرقي مدينة حلب، في محاولة منها لإيقاف المقاتلين الكرد من ربط مناطق عفرين وكوباني الكرديتين، لكن يصعب توقع ما ستفعله روسيا والولايات المتحدة في حال محاولة تركيا التقدم أبعد من الباب.

هناك اتهامات كردية بأن تركيا قد استغلت الحرب ضد تنظيم داعش كغطاء لقصف المناطق الكردية بالقرب من بلدة منبج، وهي التي تدخلت براً عبر الحدود في سوريا لوقف تقدم القوات الكردية ومنعهم من السيطرة على المزيد من الأراضي.

يقول البروفيسور جوشا لانديس، مدير دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما والمختص بالشأن السوري، في حديث له مع كردستان 24: "سيحصر كرد سوريا بين أردوغان والأسد ولا يرغب أي منهما بحصول الكرد على الاستقلال وجيش مستقل".

ويضيف الأكاديمي الأميركي قائلاً: "من المستبعد أن تعترف الولايات المتحدة بالاستقلال الكردي، بل ترغب على الأرجح بالحفاظ على العلاقات مع الكرد، لتوطيد موطئ قدم لها في المنطقة، وهذا ما توفره تلك العلاقات. إلى أي حد ستذهب الولايات المتحدة في تسليحها للكرد للدفاع عن أنفسهم في مواجهة الجيشين التركي والسوري؟ هذا هو السؤال الذي لا يمتلك أحد الإجابة عنه الآن، علينا انتظار نتائج محادثات السلام بين الأسد وقوات المعارضة وتركيا، كلما طالت حالة الفوضى في سوريا وبقيت الحكومة ضعيفة زاد تعزيز الكرد لإدارتهم وشرعيتهم".

بعيداً عن المطلب التركي بترحيل الولايات المتحدة للداعية الإسلامي فتح الله غولن بقيت مسألة دعم القوات الكردية من قِبل الولايات المتحدة إحدى المسائل الخلافية الرئيسية بين البلدين.

هناك مرارة في ذاكرة الكرد السياسية عندما يتعلق الأمر بتاريخ العلاقات الكردية – الأميركية؛ حيث تخلت عنهم الولايات المتحدة في مراحل حساسة، كما أن انسحاب إدارة أوباما من نزاعات الشرق الأوسط في مسألة السياسة الخارجية يجعل كرد سوريا قلقين بشأن مستقبلهم.

يبحث كرد سوريا عن دعم أميركا في حربهم ضد تنظيم داعش، ولعب دور مهم في إيجاد استقرار طويل الأمد في سوريا، بإمكان الولايات المتحدة تقديم دعم لشركائها الكرد في سوريا لامتلاك جبهة سياسية موحدة؛ حيث سيعمل كل من المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي معاً في المجالين العسكري والسياسي في المناطق الكردية.

يعتقد الخبراء والمحللون السياسيون أنه لا يمكن اجتياح المناطق الكردية لوجود القوات الأميركية هناك، وبحسب الدكتور جونثان سبير، خبير شؤون الشرق الأوسط والكاتب في جريدة جيروزاليم بوست الإسرائيلية: "لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بمحاربة تنظيم داعش وتبقى قوات سوريا الديمقراطية الحليف الأكثر فاعلية، طالما بقيت القوات الأميركية الخاصة متواجدة ومتحالفة مع كرد سوريا، فإنه لا يمكن اجتياح المناطق الكردية، سيشكل التخلي عن كرد سوريا ضربة كبيرة لسمعة الولايات المتحدة".

يعتقد الخبير الإسرائيلي أنه بإمكان كرد سوريا العمل مع الإدارة الجديدة كعامل استقرار "تركيا ليست حليفاً موثوقاً به وقوات المعارضة التي تعمل معها تشمل السلفيين والإسلاميين مثل أحرار الشام التي لها صلات بالقاعدة، بالطبع ليس من الممكن توقع ما ستفعله الولايات المتحدة لكن بإمكان كرد سوريا وحلفائهم نقل القضية للإدارة القادمة".

يرى محللون أن تناول الملف الكردي بين القوى الكبرى قد أُجّل حتى الانتهاء من مفاوضات الأستانة وفي هذا الشأن يرى المحلل السياسي الفرنسي جولين ثيرون والمحاضر في جامعة باريس 2.

"ليس هناك دور محدد لكرد سوريا في الاتفاق الروسي – التركي؛ حيث أعلنت أنقرة بوضوح أنها تعتبر مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية فصيلاً إرهابياً وهو على الأرجح شرط أساسي لتركيا، لكن تبدو موسكو أكثر مرونة من هذه القضية من أنقرة؛ إذ تحاول روسيا أن تجلب أكبر عدد من الفصائل المقاتلة لطاولة المفاوضات. لقد عارض النظام دائماً الفيدرالية وأيضاً مسألة الحكم الذاتي للكرد. ربما يكون هناك استراتيجية تتبع وهي إبقاء مسألة الكرد من دون نقاش حتى تحصد النتائج في مفاوضات أستانة".

لعل أفضل ما يمكن أن يقوم به ساسة كرد سوريا في الوقت الراهن هو وضع خلافاتهم وانقساماتهم جانباً، والبدء بممارسة العمل السياسي، والتفاوض كفريق عمل واحد، فهذا هو السبيل الوحيد لمواجهة التحالفات الإقليمية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية والمطالب القومية للكرد، والتحضير للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة كطرف فاعل في حفظ مصالح الولايات المتحدة في سوريا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد