منذ سنٍّ مبكرة، يتكون لدينا الشعور بالملكية، الذي يبدأ مع الألعاب التي نملكها في مرحلة الطفولة، مثل دمى باربي أو السيارات والشاحنات الصغيرة. عندما تُؤخذ هذه الدمى منَّا، سواء كان من أخذها والدانا أو معلمونا أو غيرهم، نصاب بحالة من الغضب، وربما ندخل في نوبة من الصراخ والبكاء. لقد تعلمنا أن نعطي قيمة أكبر للأشياء بمجرد أن نمتلكها، وهو ما يعرف بتأثير التملك "endowment effect".
في أحد فيديوهات تيد التعليمية التي صدرت مؤخراً، بعنوان "لماذا نتعلق بالأشياء بشدة؟" شرح كريستيان جاريت كيف يمكن رؤية كيفية تكويننا روابط بصورةٍ سريعة بين إحساسنا بالذات، وبين الأشياء التي نعتبرها ملكنا على مستوى الأعصاب. في إحدى التجارب، فحص علماء الأعصاب أدمغة المشاركين بينما وضعوا بعض الأشياء إما في سلة كُتِب عليها "مِلكِي"، أو في سلة أخرى كُتِب عليها "مِلك أليكس". عندما نظر المشاركون في التجربة إلى أشيائهم، أظهرت عقولهم نشاطاً أكبر في منطقة ما عادة ما تنشط حين نفكر في أنفسنا.
نصبح أيضاً مولعين بشدة بما نملكه منذ سن مبكرة، لأننا نؤمن أن لدينا شيئاً فريداً. أثبت علماء النفس هذا الأمر من خلال إقناع أطفال بين الثالثة والسادسة من عمرهم بشكل وهمي بأنهم قد صنعوا آلة نسخ يمكنها أن تنتج منتجاً مشابهاً لأي شيء. وعندما عُرِض على الأطفال الاختيار بين ألعابهم المفضلة وبين نسخة مطابقة تماماً لها، اختار أغلب الأطفال النسخة الأصلية، حتى إنهم أصيبوا بالخوف من فكرة اصطحاب نسخة غير أصلية من ألعابهم إلى المنزل.
ليس تعلقنا بالممتلكات المادية شيئاً نتخلص منه عند الكبر، بل يستمر معنا بل يصبح أقوى. على سبيل المثال، تخيل القيمة الكبيرة التي نضفيها على الأشياء التي امتلكها المشاهير من قبل، إذ يبدو دائماً وكأن المشترين يؤمنون بأن تلك الأشياء التي يشترونها تحمل داخلها جوهر المشاهير الذين امتلكوها من قبل. لهذا السبب أيضاً نكون أكثر تردداً في التخلص من أشياء من رحلوا من عائلاتنا، إذ إن وجود هذه الأشياء يساعدنا أن نشعر أننا ما زلنا على اتصال بهم.
وعلى الرغم من أن الشعور بالتملك يَظهر لدينا في سن مبكرة، إلَّا أنَّ الثقافة تلعب دوراً مؤثراً أيضاً في هذا الأمر. اكتشف الباحثون مؤخراً أن شعب الهادزا الذي يعيش في شمال تنزانيا -وهو معزول تماماً عن الثقافة المعاصرة- لا تظهر عليه علامات تأثير التملك. يعيش أفراده في مجتمع يقوم على المساواة يتشاركون فيه كل شيء تقريباً.
اليوم، ومع التطور التكنولوجي، أصبح من الممكن الحصول على نسخ إلكترونية من الكتب والموسيقى والأفلام، وهو ما يقلل إلى حد ما من مفهوم التملك المادي. ربما يرى البعض أن ذلك سيؤدي إلى القضاء على الكتب الورقية والأقراص الموسيقية، إلا أنه من المبكر للغاية الحديث عن ذلك.
ربما يعترف الكثيرون بأن هناك ما يجعلنا نشعر بالسعادة عندما نمسك شيئاً مادياً في أيدينا، سواء كان كتاباً أو أسطوانة، ونقول إنَّه ملكنا.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع Medical Daily للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.