في هذا المقال، يحكي الكاتب كارفيل والاس، عن تجربة طلاقه من زوجته بعد 6 سنوات كانا فيها مثل الروح الواحدة، لكن بعد هذا الحب والتضحيات المتبادلة كان لابد من الانفصال.
يحاول والاس وضع بعض المبادئ الأساسية التي يجب اتباعها إذا أراد المرء أن يتخطى الألم النفسي الذي يسببه الانفصال عن الحبيب.
وإلى نص المقال المنشور على صحيفة The Guardian البريطانية.
كنا زوجين لثلاثة عشر عاماً، وأحياناً أشعر وكأنني لم أعش قبل اليوم الذي تقابلنا فيه، أحياناً أخرى أشعر وكأن هذا لم يحدث أصلاً.
اعتقدت أننا سنقضي معاً حياتنا بكاملها. ذهبنا إلى دول أجنبية ونمنا على القش بينما السحالي تزحف على السقف فوقنا وصوت المحيط بالخارج. جلسنا في غرف الطوارئ بأعين غائمة في أوقات فظيعة، نتبادل الأدوار ممسكين برضيعنا الذي لا يهدأ.
وقفنا يداً بيد أمام قبور آبائنا التي حُفرت حديثاً، نبكي ونحتضن بعضنا بصمت. تحدثنا بهدوء لساعات على الأرائك، ونحن نحكي عن طفولتنا ومخاوفنا وانتصاراتنا الصغيرة التي جعلتنا قادرين على الاستمرار.
لكننا كذلك أدخلنا الأكاذيب في صُلب علاقتنا، بسذاجة وليس بخُبث، بخوف تلاعبنا وتحايلنا على بعضنا البعض لأننا لم نكن نعرف الثمن. حفظنا جروح أحدنا الآخر واستخدمناها للحصول على ما نريد. خنا ثقة أحدنا الآخر. سمحنا لأنفسنا بأن نخون الثقة. كنا خائفين من أن نكون وحدنا، وأن نكون خاطئين.
اعتقدت أننا سنقضي معاً حياتنا بكاملها، ولكن اتضح أن ذلك لم يكن سوى بضعة فصول سنوية. إدراك أن زواجك قد انتهى أمر مرهق للغاية، ويستنزفك تماماً، حتى أن دماغك لا يستطيع أن يستوعبه إلا على مراحل. تمر أثناء قيادتك بمبنى سكني وتتساءل كيف يكون الوضع إذا عشت في شقة صغيرة (ستوديو) فيه. تقف في محل البقالة وتتخيل كيف كانت حياتك ستكون مختلفة إذا كنت قد تزوجت تلك المرأة التي لا تستغرق وقتاً طويلاً في اختيار زجاجة زيت الزيتون. تستلقي على السرير ليلاً وتسرح بخيالك بعيداً لدرجة أن تنسى أن زوجتك ترقد نائمة بجوارك؛ وتدرك أنك تعيش حياتك كما لو أنها ليست موجودة.
أنت لا تعرف بعد أن زواجك قد انتهى. هذه الأفكار ليست مكتملة تماماً، بل تطفو إلى عقلك دخولاً وخروجاً مثل قطع القمامة الصغيرة بين الأفكار الأكبر حجماً وإدراكاً مثل "نحن بحاجة للمزيد من البيض أو يجب استدعاء شخص ما لإصلاح صوت مُجفف الملابس". لذلك عندما تتبلور تلك الأفكار في النهاية، يشبه الأمر مواجهة وحش مرعب ومتوقع تماماً. وحش كان موجوداً في المنزل طوال الوقت، وبمجرد تحرره، فهو يهاجم جسمك بحركة بطيئة، والحزن الذي يُسببه يلتهمك من الداخل.
ثم تُطور هواجس مستحيلة. بعد أسبوعين من رحيل زوجتي، كنت أوصل أطفالنا إلى الحديقة بالسيارة وجاءت أغنية جورج جونز "She Thinks I Still Care" – تظن أني ما أزال أهتم – خلال برنامج على إذاعة NPR. أصبحت مهتماً بتعلم اللحن ولعب هذه الأغنية، ولستة أشهر كنت أؤديها بشكل إلزامي، غنيتها في الحمام، ولأطفالي قبل النوم، والويل لمن يتصادف وجوده في نفس الغرفة معي مع وجود بيانو، هو بصدد التعرض لأسوأ أنواع الكآبة ورثاء النفس في تاريخ البشرية.
يجعلك هذا الأمر تشعر بالفشل. يمكنك أن تتحمل بعض المعاناة في العمل، أو المشاكل الصحية، أو التحديات المالية، هذه كلها أشياء تشعر بأنك تستطيع تجاوزها طالما لا تواجهها وحدك. لكن انتهاء زواجك يجعلك تشعر وكأنك بلا هدف، وكأنك قد فشلت بشكل دائم ودون رجعة في أكثر شيء مهم في حياتك.
تجلس أمام التلفزيون غير واعٍ حتى تغرب الشمس، وترقد في الليل مستيقظاً ومنصتاً حتى يؤذي الصمت أذنيك، وتبكي حتى تجف دموعك. بعد ذلك يأتي الفراغ – من الخارج والداخل – الذي يجعلك تدرك مدى شعورك بالوحدة حقاً.
في السنة الأولى أو نحو ذلك، تبقيان العلاقة مستمرة، غير مستعدين للاعتراف بأن الأمر انتهى فعلاً، يستمر كلاكما في لعب هذا اللعبة. أنت تستغلها، وهي تستغلك. المعلومات الخاصة التي تعرفانها عن بعضكما البعض، والأسرار التي همستما بها ذات مرة في لحظات مقربة، تُستخدم الآن كسلاح. تذكر قبل سنوات عندما كان كلاكما بالكاد في العشرينات ورأيتما زوجين يتشاجران في الشارع، وقلت: "لماذا يكون من الصعب جداً أن تدع الآخرين يغادرون؟"، وقالت: "لأنه من المستحيل أن تدع أحداً يغادر بكل أسرارك"، عندما سمعتها تقول ذلك، وقعت في حبها من جديد، لذكائها وشجاعتها العاطفية، وفهمها لطريقة عمل قلوبنا. بعد أكثر من عقد، أصبحت تكرهها بسبب هذه الأشياء وكيف أنها تستخدمها ضدك. وتكره نفسك لأنك تستخدمها ضدها.
السبب الذي يجعل من الصعب جداً أن تكون على علاقة صحية مع زوجتك السابقة هو أنه مهما تعلمتما أن تتعايشا معاً، مهما كانت الاعتذارات التي قدمتماها دقيقة وشاملة، من المستحيل أن تسامح تماماً شخصاً سبب كل هذا الألم. الأمر ببساطة أكثر من اللازم. من المستحيل أن تغفر تماماً لشخص كنت ذات مرة تحبه بهذا العمق.
مرت 6 سنوات منذ طلاقنا. والألم لم يلتئم بعد، ولكنه خفّ لدرجة لا تجعلني أبقى متيقظاً طوال الليل. لدينا طفلان، واحد في سن المراهقة والآخر أصغر، تجبرنا حياتهما ومشاكلهما واحتياجاتهما على التحدث والتخطيط معاً كل يوم. ونحن نتعامل بشكل جيد، لا نتشاجر، لا نقول لطفلينا كلاماً سيئاً عن بعضنا، وأحياناً نتناول معاً العشاء والغداء؛ لا نكره بعضنا.
لكن الأمر ليس سهلاً. فتكلفة هذا السلام والتحضر هو أن عليك الاعتراف بأنك قد خسرت، الاعتراف بأن ما حاول كلاكما عمله قد انتهى، وأنه غير قابل للتجديد. يجب الاعتراف بأنك لن تحصل أبداً على ما تريد من الشخص الآخر، وأن عليك التوقف عن معاقبته على ذلك.
يجب أن تقبل بالمسافة التي صارت موجودة بينكما الآن، فالطرف الآخر لم يعد ملكاً لك. زواجك لم يعد ملكاً لك. يجب أن تسامحه على كونه الشخص الذي هو عليه، وأن تسامح نفسك. كلاكما كان صغيراً في السن، وقد حاولتما أن تقيما علاقة حب، ولكن لم تعرفا كيف. كان يمكن أن يكون الأمر مختلفاً، ولكنه لم يكن. لم يكن أفضل ما لديكما جيداً بما يكفي.
حتى تتجاوز مرحلة الطلاق يجب أن تقبل بالأمر الواقع حتى وإن لم تستطع أن تسامح.
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.