الفرص الضائعة

رسم مرسي طريقاً ما من النّجاح، قد لوحظ وبان لنا بعد فشل السيسي، فكلام مرسي عن امتلاك غذائنا وسلاحنا ودوائنا كان شغله الشاغل، فقد أثبت وزير التموين في عهده الباسم باسم عودة أننا قادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، ولم يكتفِ بالكلام؛ بل نفّذ جزءاً كبيراً من أحلامه وأحلامنا

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/25 الساعة 02:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/25 الساعة 02:48 بتوقيت غرينتش

بين سنة حكم د. مرسي وحكم السيسي مقارنات مدهشة، ربما محيرة أيضاً؛ فالأول وصل عبر صناديق انتخابات ديمقراطية في أجواء من المؤامرات والحقد في دولة لا تعرف للديمقراطية الحقيقية طريقاً منذ 7000 عام، والثاني جاء بعد انقلاب عسكري قاده بنفسه، مستنداً إلى الحاقدين الأُول -بضم الألف- وعمائم ولحى.. قتل وكذب وزوّر إلى أن تحكّم وحكم.

وصل مرسي فمورست ضده كل أنواع المؤامرات والمكائد، فأخذت الشرطة والمؤسسات الأمنية وغيرها إجازة "على حد قولهم حرفياً" أربع سنوات، كما وقفت ضده كثير من الدول العربية والإقليمية، وراحت تبث الأموال والخطط المخابراتية لإسقاطه أو لإفشاله، ولاقى ذلك دعم العسكر الذي لم يتوانَ بمخابراته وإعلامه عن أن يبدأ خطته من اللحظة الأولى؛ أزمة بنزين تظهر في لحظة إذا فكّر مرسي في الغضب، ورصدت سيارات البنزين الضخمة تسكب حمولتها وسط الصحراء، جيش من بلطجية الداخلية وساويرس "البلاك بلوك" يعيثون فساداً، ويحرقون مقرات الحزب الحاكم تحت مرأى ومسمع الزند والقضاء، ولا يمكث أحدهم سويعات في النيابة حتى يفرج عنه دون ضمان أو كفالة حتى.

وفي وسط هذا الجو الصاخب نجد مرسي وجماعة الإخوان في حيرة وبعض التخبط، فما هذه المصيبة إذاً؟ وكيف نتصرف؟!

فتارة إعلان دستوري، وتارة خطابات رنّانة، وتارة تغيير وزاري، خطابات تهدئة، اجتماعات في مقر الوفد لامتصاص غضب اللجنة التأسيسية.. إلخ.

الملاحظ أنه رغم كل ذلك فقد رسم مرسي طريقاً ما من النّجاح، قد لوحظ وبان لنا بعد فشل السيسي، فكلام مرسي عن امتلاك غذائنا وسلاحنا ودوائنا كان شغله الشاغل، فقد أثبت وزير التموين في عهده الباسم باسم عودة أننا قادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، ولم يكتفِ بالكلام؛ بل نفّذ جزءاً كبيراً من أحلامه وأحلامنا، وزير شبابه أسامة ياسين قد انطلق يزيح الفساد عن دور الشباب وملاعبهم، وزير ثقافته قد بدأ حرباً مع مثقفي السيجار والسجاد الأحمر الذين احتلوا دور الثقافة لعقود؛ ليبثوا فكرهم الخبيث فقابلوه باعتصام أمام مكتبه استمر حتى الانقلاب على مرسي، وزير الاستثمار والشباب والصناعة، ولجنة مشروع إنشاء محور قناة السويس بدأوا الإعداد والتنفيذ على نفس المجرى الملاحي؛ ليكون مركز خدمة عالمياً لوجستياً يوفر فرص عمل واستثماراً وسكناً للمصريين، كما يوفر على حركة التجارة العالمية الكثير، فواجهه الجيش بعقبات الأمن القومي وخلافه، والهدف معروف أن الإمارات ترفض تماماً مثل هذا المشروع القومي العملاق الذي سيؤثر سلباً عليهم.

وزير الصناعة الشاب قد بدأ التعاقد مع سامسونغ، وبدأ مثلث التعدين في الصعيد، كما أخذ مرسي يبتعد بالسياسة الخارجية عن أميركا وروسيا، وليتجه إلى تركيا والبرازيل وجنوب إفريقيا؛ لينضم إلى مجموعتهم الاقتصادية، وقد أوشك على ذلك.

الدولار سيدي المواطن في عهد مرسي المضطرب هذا لم يضطرب، ولم يرتفع بهذا الجنون، وقد هوجم عندما ارتفع قروشاً فقط، الاحتياطي النقدي ثبت ليبدأ في الارتفاع أواخر عهد مرسي.

وقفت ضده جبهة الإنقاذ المشؤومة التي جذبت كل المعارضة نحوها، وسنّ رمحه حزب النّور ليوجهه في أزمة الشيعة، وثار يونس مخيون عندما كان ثاني المتحدثين في أحد الاجتماعات، وباتت "تمرد" تنتظر الضوء الأخضر من المخابرات؛ لتبدأ ساعة الصفر نحو 3/7/2013؛ إذ انقلب المتآمرون على أول تجربة ديمقراطية كان من الواجب علينا أن نقوّمها لا أن نقصيها، أن نعدّل ونتعلم إلى أن يحين شهر 3/2016 الذي مر منذ شهور؛ لندفع بمرشح آخر لينافس مرسي، فنختاره إن لم يعجبنا مرسي، ونبدأ دورة مدنية أخرى وخطوة نحو التقدم.

الكثيرون وأنا منهم قد أعدنا سماع خطاب مرسي الأخير "خطاب الشرعية" بروِّية هذه الأيام؛ لنكتشف أننا لم نفهمه وقتها، فبعد القتل واعتقال البنات فهمنا لماذا قال: "أنا عاوز أحافظ ع البنات"، فهمناه عندما قال "اوعوا الثورة تتسرق منكم".

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد