بشار الأسد.. المتحدث غير الرسمي باسم سوريا الأسد

في هذا الشهر فقط أجرى بشار الأسد لقاءات صحفية أضعاف تلك التي أجراها والده منذ بداية حكمه وحتى وفاته، ما يذكرنا هنا بقول الشاعر: "والنفس راغبة إذا رغّبتها"، أي أن الرئيس السوري كان يريد ذلك، ولكن هناك من كان يمنعه، ربما هو منع بقرار روسي أو بقرار إيراني، وربما بكليهما

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/05 الساعة 03:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/05 الساعة 03:05 بتوقيت غرينتش

خلال عقود حكمه الثلاثة لم يكن لحافظ الأسد الكثير من اللّقاءات الصحفية، على عكس وريثه بشار الأسد الذي حطّم كل الأرقام القياسية بعدد المقابلات على رؤساء العالم.

ففي هذا الشهر فقط أجرى بشار الأسد لقاءات صحفية أضعاف تلك التي أجراها والده منذ بداية حكمه وحتى وفاته، ما يذكرنا هنا بقول الشاعر: "والنفس راغبة إذا رغّبتها"، أي أن الرئيس السوري كان يريد ذلك، ولكن هناك من كان يمنعه، ربما هو منع بقرار روسي أو بقرار إيراني، وربما بكليهما معاً،
فقد كانت لقاءاته حصرية لإعلام الدول الداعمة له، أي فقط وسائل الإعلام الصينية والروسية والإيرانية، أو تلك التي تتبع لها كالميادين والمنار وغيرهما، وفجأة حدث تغيير جذري منذ سنة، وتحديداً بعد زيارته إلى روسيا، تلك الزيارة غير الرسمية، التي جاءت على شكل استدعاء فجائي، حتى إنه لم يسمح برفع علم النظام السوري إلى جانب الأسد الابن، وكان العَلَم المرفوع هو العلم الروسي فقط.

في الحقيقة ليس هناك سبب منطقي يربط بين الأمرين، أي بين استدعائه لروسيا كأول زيارة له بعد اندلاع ثورة ضده وبين كثرة خروجه أمام الإعلام العالمي.

ربما كانت تلك زيارة البيع أو التسليم الفعلي والنهائي للبلاد مقابل إبقائه على كرسي الحكم ولو بشكل صوري، فمن يتابع عدداً من لقاءاته في السنة الأخيرة، يرى أنه لا يمتلك حتى صلاحيات وزير في حكومة، فعلى الرغم من كثرة الأسئلة التي يريد كل صحفي أن ينتزعها تصريحاً منه، فإن بشار الأسد يأخذ دور المراوغ والمبرر الذي يلتف حول السؤال، تماماً كما يفعل الموظف الذي لا يمتلك أية صلاحيات تخوله من التحدث بحرية، أو إعطاء تصريحات جديدة وحصرية، حتى إن القنوات الإخبارية لم تعد تكتب كلمة "حصري" عند بثها للّقاء، في حين تجد الكثير من الفنانات والراقصات ما زلن قادرات على إعطاء لقاءات حصرية!

فترى الأسد دائماً ما يجيب الصحفيين بقوله: "دعنا نغيّر صيغة السؤال" أو "هذا السؤال خطأ والسؤال الصحيح هو كذا"، ثم بعد ذلك يجيبه بجواب لسؤال آخر هو من قام بطرحه.
فعلى سبيل المثال ففي آخر لقاء له، عندما أخرج صحفي القناة السويسرية صورة للطفل عمران وسأله: هذا الطفل عمران قد أصبح رمزاً للحرب في سوريا، هل تريد أن توجه كلمة له أو لعائلته؟

فأجابه بشار الأسد: دعنا في البداية نوجّه كلمة لك، هذا الطفل تم إنقاذه هو وأخته من قِبل من يسميهم الغرب بأصحاب القبعات البيضاء (الدفاع المدني)، والذين هم واجهة لجبهة النصرة الإرهابية، ثم إن هذه الصورة مزوّرة وقد تم التلاعب بها!

هنا لم يستطِع الصحفي أن يخفي ذهوله من هذا الجواب غير المتوقع من رئيس دولة، ربما كان مذهولاً من أن تكون مشكلة الطفل بنظر الأسد هي بمن أنقذ هذا الطفل!

ربما كان مذهولاً من أن يكون أصحاب القبعات البيضاء الذين أنقذوا ما يزيد على الستين ألفاً من المدنيين، هم بنظر الأسد مجرّد واجهة لمنظمة إرهابية!

ربما كان مذهولاً من أن تكون صورة عمران غير حقيقية وقد تم التلاعب بها -حسب رأي الأسد- مع أنّها مأخوذة من مقطع فيديو!
أو ربما كان مذهولاً لاكتشافه أن بشار الأسد الذي يجلس معه اليوم ليس إلا متحدّثاً غير رسمي باسم ما كان يسمى قديماً بسوريا الأسد.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد