إشكالية عدالة السماء ومظالم البشر

حاول عقلي التشبث دون جدوى بأن الحل لكل هذه الكوارث يكون بأيدي البشر، وأن الله يراقب أفعالنا، وكيف نتصرف إزاء هذه الحوادث؟ وأنه سيتدخل كما تعلمنا حين يبلغ الظلم مبلغاً كبيراً، لكن ألَم يبلغ الظلم هذا المبلغ بعد؟ وهل هناك ظلم أكبر من قصف أطفال وحرقهم أحياء؟ هل يوجد ما هو أكثر من قتل نساء وإبادة عائلات كاملة، وتشريد ملايين البشر، والتفنن في اختراع وسائل إعدام جديدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/05 الساعة 03:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/05 الساعة 03:29 بتوقيت غرينتش

مع قهوة الصباح التي أصبحت دائمة الالتصاق بمشاهدة أخبار الحرب في أكثر من مكان في العالم العربي، ولأن الحرب بالضرورة تكون مقترنة بمظالم كبيرة، أجساد أطفال ونساء وشيوخ ممزقة بسادية متوحشة، ودمار يرسم مشهداً سريالياً من الألم والدماء، هذه المرة تحرك عقلي بشكل مختلف تماماً، وبدأ في طرح أسئلة كانت دائماً تندرج بالنسبة لي في خانة المحرمات والخطوط الحمر.

كانت تلك الأسئلة تتناسل في عقلي بشكل هستيري، حطمت كل محاولاتي اليائسة لمقاومتها، تساءلت في داخلي عما إذا كان هناك قوة غيبية يمكنها إيقاف هذا الجنون؟ وما المانع من قيامها بهذا الأمر؟ هل هناك قوة رحيمة يمكن أن تضع في قلوب البشر كل هذه القسوة غير المبررة، أعلم جيداً لو أنني أملك القدرة على وضع حد لحفلة الجنون هذه لفعلت هذا دون تردد، ما الذي يجعل أنين الثكالى وصرخات الأطفال غير مسموعة وأدعيتهم غير مستجابة؟

حاول عقلي التشبث دون جدوى بأن الحل لكل هذه الكوارث يكون بأيدي البشر، وأن الله يراقب أفعالنا، وكيف نتصرف إزاء هذه الحوادث؟ وأنه سيتدخل كما تعلمنا حين يبلغ الظلم مبلغاً كبيراً، لكن ألَم يبلغ الظلم هذا المبلغ بعد؟ وهل هناك ظلم أكبر من قصف أطفال وحرقهم أحياء؟ هل يوجد ما هو أكثر من قتل نساء وإبادة عائلات كاملة، وتشريد ملايين البشر، والتفنن في اختراع وسائل إعدام جديدة؟

أعلم أن هذا الكلام قد يكون سبباً في جعلي محط شتم، أو أنه قد يكون صدر مني بسبب حجم الأهوال التي نراها كل يوم، وانحدار إنسانيتنا إلى ما دون الحيوانات، لكن في داخلي إحساس وأمل بأن عدالة السماء، وإن تأخرت، ستبدد كل شكوكي، وستتدخل لوقف حمامات الدم، وللتصدي لكل هذه المظالم التي أصبحت تهدد استقرارنا النفسي، وتضرب إنسانيتنا في الصميم.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد