“أغنياء السيسي” لا يشعرون بالأزمة.. الغارديان: مصر قد تشهد أحداث شغب بسبب الأسعار

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/25 الساعة 16:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/25 الساعة 16:31 بتوقيت غرينتش

تسبب نقص السلع الأساسية والارتفاع الكبير بأسعار الغذاء، في تفاقم حالة الاستياء في مصر، حيث تأثرت الواردات بأزمة انخفاض سعر العملة التي ضربت الجنيه المصري.

فقد اختفى السكر من الأسواق تقريباً، فضلاً عن نقص الواردات الأخرى مثل ألبان الأطفال، بل وامتدت تلك الأزمة إلى بعض حبوب منع الحمل أيضاً بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

وفي أعقاب ذلك، قالت السلطات المصرية، التي ألقت باللوم على التجار والموردين واتهمتهم بتخزين البضائع وتهريبها، إنها تمكنت حتى الآن من مصادرة 9 آلاف طن سكر خلال حملات الشرطة على المصانع والمخازن، بما فيها مصانع تنتمي لشركتي "بيبسيكو" و"إديتا"، التي تعد من أكبر مصنّعي الحلويات في البلاد. كما تنوي الحكومة إعادة بيع كميات السكر في الأسواق بالسعر المدعم.

فيما نشرت صحيفة الأهرام، أن قوات الشرطة ألقت القبض على أحد الأشخاص وأفرجت عنه بكفالة، لحمله 10 كيلوغرامات من السكر، إذ إن تلك الكمية تتجاوز الكمية الكافية للاستهلاك الشخصي.

تبلغ واردات مصر السنوية من السكر حوالي مليون طن -وهي الكمية التي توازي ثلث الاستهلاك الكلي من السكر- إلا أن النقص الشديد في الدولار تسبب بدوره في ندرة المواد التي يستوردها تجار القطاع الخاص، مما أثّر على توفر السلع بالأسواق.

وفضلاً عن نقص الدولار، تسبب قطع السعودية للإمدادات النفطية مطلع الشهر الحالي أيضاً في توسيع الفجوة بين أسعار العملات في السوق الرسمي وبين أسعارها في السوق الموازي.

بداية الأزمة

بدأت الأزمة في أعقاب قرار حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بخفض الدعم، والذي قوبل بحالة من الاستياء الشعبي، بينما تنتظر الحكومة الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي، البالغ 12 مليار دولار.

في غضون ذلك، نبّه صندوق النقد الدولي، الحكومة المصرية مؤخراً، أنه ينبغي عليها السير على طريق الإصلاحات الذي تعهدت بتنفيذه، لكي تحصل على الدفعة الأولى من القرض الذي يضع النظام آماله عليه لإنعاش الاقتصاد.

ربما لا تظهر على الفور تلك الحالة من نقص السلع الغذائية في الأسواق والمتاجر الفخمة، مثل "جورميه" بحي الزمالك، وهو أحد الأحياء الراقية بوسط القاهرة، إلا أن ارتفاع أسعار السلع المستوردة يمكن ملاحظته بسهولة.

تقول إحدى الزبائن بينما تبحث عن الكاليماري وسط أكياس المحار "تلك الأسعار ترتفع بجنون".

بينما قال أحد مديري المتجر، واسمه محمد إيهاب "كل شيء يصعب استيراده الآن. اعتدنا أن نستورد زيت جوز الهند الإسباني، ولكن لا يمكننا الحصول عليه الآن. ولم يكن لدينا سلمون في المتجر لمدة 20 يوماً".

قد تبدو تلك الشكاوى تافهة في البلد الذي وصل متوسط الدخل الشهري فيه عام 2015 لـ 869 جنيهاً مصرياً (98 دولاراً). غير أنه ما زال يعد شاهداً على المشاكل الاقتصادية للبلاد، والتي بدأت في التأثير على الطبقات العليا بالمجتمع المصري، وليس فقط الأغلبية الذين يعيشون في فقر.

إلا أن المصريين لا يزالون حتى تلك اللحظة، حريصين على توجيه غضبهم نحو الاقتصاد وحسب من دون التعرض للنظام، في ظل استمرار إخماد النظام لأي معارضة سياسية تظهر في البلاد.

مؤيدو السيسي لا يشعرون بالأزمة

أوضح إيهاب قائلاً "نحن في حي الزمالك، لذا هؤلاء أبناء الطبقة العليا"، مشيراً إلى الشريحة الأغنى من بين شرائح المجتمع المصري، وهم يمثلون القاعدة التقليدية لدعم السيسي الذي وصل إلى سدة الحكم بعد انقلاب عسكري في عام 2013.

سيتطلب الأمر شيئاً أكبر من مجرد ارتفاع أسعار السلمون بالنسبة للطبقة الأغنى في مصر، لكي يثار غضبهم. إلا أن الأغلبية العظمى، الذين لا يملكون سوى القليل، ويعانون من التضخم وارتفاع الأسعار وخفض الدعم، تأثر مستوى معيشتهم تأثراً ملحوظاً.

انتشر فيديو مؤخراً لسائق توكتوك يتحدث عن الحالة الاقتصادية في مصر، إذ قال السائق الذي لم يُذكر اسمه، إن المواطن الفقير لا يجد كيلوغراماً واحداً من الأرز في الأسواق، كما أضاف أن حكام مصر سيلقون عقاباً من الله لما يفعلونه بالفقراء. وبعد يومين من انتشار الفيديو، أشعل سائق تاكسي بالإسكندرية النار في نفسه اعتراضاً على ارتفاع الأسعار.

الأزمة طالت الأدوية

وفي سياق آخر، بدأت أزمة الواردات وارتفاع الأسعار في التأثير على توفر الأدوية في مصر. إذ علق أحد الصيادلة، واسمه أحمد الشافعي، قائلاً "العملاء يغضبون إن لم يكن الدواء متوفراً". كما أضاف أن المسكنات وحبوب منع الحمل المعروفة صارت غير متوفرة في الشهور الأخيرة، ولا يمكن الحصول عليها من دون اللجوء إلى السوق الموازي.

وأوضح الصيدلي "هناك بعض الناس يشترون شريطاً وحداً من الدواء بدلاً من شراء العبوة بأكملها، أو قد يشترون المنتج المحلي من الدواء أو يسألون عن الدواء الأرخص. إن استمرت زيادة الأسعار بهذه الطريقة، ربما لن يتمكن الناس من تحمل شراء ذلك الشريط الواحد من الدواء".

فيما قال أحد أصحاب محال المخبوزات بمنطقة غاردن سيتي، واسمه عبدالعليم، إنه رفع أسعار المخبوزات بسبب ارتفاع أسعار الدقيق والسكر. وعند سؤاله عما إذا تسبب رفعه للأسعار في حالة من الاستياء لدى العملاء، أجاب قائلاً "ليست مشكلتي، بل إنها مشكلة المسؤول عن رفع الأسعار".

ثمة أنباء مستمرة عن احتجاجات تُنظم في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتراضاً على الموقف الاقتصادي المزري، وقد تناولتها بعض وسائل الإعلام المصرية التي اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بتنظيم تلك المظاهرات لنشر حالة من الاستياء في المجتمع المصري.

يتذكر كثير ممن تأثروا من جراء نقص المواد أن أحد الشعارات، التي احتشدت وراءه البلاد في ثورة يناير 2011، كان "العيش والحرية".

في هذا السياق، قال هشام هيلير، الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "سيكون على الحكومة أن تضع تشريعات لإصلاح الدعم وإعادة تقييم سعر العملة في ذات الوقت، بينما يبدو الموقف الاقتصادي مزرياً إلى حد كبير".

كما أضاف قائلاً "ربما يكون القيام بكل تلك الأشياء مرة واحدة محفوفاً بمخاطر كبيرة، وربما لا يمتلكون خياراً آخر. إلا أنني أشعر بالقلق من رد الفعل المجتمعي، ولا أقصد بذلك الاحتجاجات أو المظاهرات في الأساس، بل ما أقصده هو أعمال الشغب أو ما شابهها، والتي تكون متفرقة وغير مخطط لها بصورة أكبر".

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد