سوريا الحلم والألم

كيف يكون الحال وقصف الطائرات الروسية لا يزال يسمع دويه في قلوب كل العرب ثم ينشغلون بمن يبحث عن مظهر أو من يبحث عن دنيا، ولا يعلمون أن عقاب أهل الأرض على تقصيرهم في حق أهل الشام قد يكون كافياً لهلاك كل تلك الأمم "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/21 الساعة 04:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/21 الساعة 04:07 بتوقيت غرينتش

ما زلت أحلم باليوم الذي تتحرر فيه بلادنا من احتلال حكامها الذين أفسدوا الماضي والحاضر، ويريدون إبادة المستقبل من الوجود.

كلمات ما زلت أرددها في قلبي عن سوريا الوطن الحزين الذي لا يزال العالم يقف مكتوف الأيدي عن نصرة أهله، ولا نزال نستجدي الغرب في البحث عن مخرج للمجرمين.

جلسات الأمم المتحدة التي تناقش أوضاع العالم، لا يزال الوضع استنكاراً وشجباً وإدانة، كمثل الجامعة العربية التي منذ إنشائها وقضايا العرب لم تحل، بل تزداد الأمور في كل يوم سوءاً عما سبقه.
عندما تشاهد مقطعاً مصوراً عن سوريا ترى الدمار والخراب والحرب التي لم ترحم أحداً من أهل سوريا لا صغيراً أو كبيراً إلا ودمرت فيه إما الأبدان أو الإنسان، جعلت الإنسان يكفر بكل هذه النعرات الكاذبة التي يتشدقون بها ولا يعلمون مدى الفزع الذي يعيشه الأطفال والنساء والرجال والشيوخ تحت القصف الروسي الذي لا يفارقهم من ليل أو نهار.

فكيف لمن يعيشون تلك المأساة الإنسانية أن ينشأوا في سلام مع العالم الذي يقف مشاهداً الغارات من القريب والبعيد، كم يشاهدون فيلماً مشوقاً يتابعون أحداثه وتفاصيله بكل دقة وتركيز، ثم يقوم كل منهم لينام في سريره وقد ذرف بعض الدمع على المشاهد دون أن يفكر في حال هؤلاء الذين لا يعرفون للراحة طريقاً.

أحسست بهذا الألم منذ أيام وقد دخل ولدي الذي لم يبلغ عمره العامان والنصف إلى الغرفة وقد أغلق الباب بالمفتاح من الداخل، ولا يستطيع الخروج من الغرفة، عندها تعصبت وعلا صوتي وأنا أطلب منه أن يخرج المفتاح؛ لنتمكن من الفتح وإخراجه وبينما نحن مشغولون بذلك طلبت منه الابتعاد عن الباب لأتمكن من كسره، تابعت حركته حتى ابتعد من خلف الباب وظللت أضرب الباب بشدة، وخابت محاولاتي لكسره، فهداني الله لأن أُدخل أخته التي تكبره بعام من شباك الغرفة لصغر الفتحة، وعندما نظرت إليه من شرفة الغرفة رأيت منظراً من شفقتي عليه كدت أبكي، وجدته وقد تجمعت فيه براءة الطفولة، يجلس بأقصى أركان الغرفة فوق السرير، وقد التحف بغطاء والخوف يعلو وجهه من ارتفاع أصواتنا وطرقنا الباب بلا تفكير في هذا الطفل الصغير.

وقتها قلت: اللهم لك الحمد على نعمة الأمان، وانصرفت أفكر في حال هؤلاء الأطفال في سوريا وفلسطين تحت القصف ليل نهار، ولا أحد يفكر بحالهم، فاللهم انتقم من بشار الأسد ومن كل من يساندونه ويعاونونه.

إن الوقت الذي يحتاجه هؤلاء الأطفال ليعودوا إلى طبيعتهم وليتم تأهيلهم يحتاج لسنوات لإزالة تلك الآثار التي خلفها النظام السوري على الأرض أو في قلوب أهل سوريا.

وإني على يقين تام أن الله عادل لا يظلم مثقال ذرة، ولذلك فكل من وقف في وجه هذا الشعب عقبة أمام حريته ليعلم أن الجزاء من جنس العمل، وأن الأيام دول، وأن الحال لا يبقى، والأنظمة الفاسدة إلى زوال "وتلك الأيام نداولها بين الناس".

كيف يكون الحال وقصف الطائرات الروسية لا يزال يسمع دويه في قلوب كل العرب ثم ينشغلون بمن يبحث عن مظهر أو من يبحث عن دنيا، ولا يعلمون أن عقاب أهل الأرض على تقصيرهم في حق أهل الشام قد يكون كافياً لهلاك كل تلك الأمم "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".

ولقد أصبحنا في زمان استطاع فيه الغرب أن يحول أبصارنا نحو ما يريده هو لا نحو الحقيقة، فيزينون لنا ما هو قبيح، ويقبحون ما هو حسن، ونحن نسير خلفهم شبراً شبراً وذراعاً بذراع، وصدق في ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم.

صيحات الأطفال الصغار التي تضرب أذن كل ذي لب ليفيق من تلك الغفلة التي طمس الله على قلوبهم فأصمهم وأعمى أبصارهم، فيتخيلون أنه ضرب من الدراما والخيال، صُنع ليستجدي عطفهم ولا يعلمون أن موعدهم غداً، وأن الله من ورائهم محيط وعالم بكل شيء.

وختاما أخي القارئ.. أقول إن من لم يهمه أمر هؤلاء فليس بإنسان يستحق أن يحترم ولن نحزن عليه إذا أصابته مصيبة.

اعلم أن ما تقدمه من شيء تجاههم فهو حق لهم، وواجب عليك، وليس منة منك أو فضلاً، ولكن بعض الناس يظن أنه يقدم شيئاً، ولكنه في الحقيقة لا يدخر إلا لنفسه.

واجب كل واحد منا أن يخصهم بدعوات في أوقات استجابة الدعاء في اليوم والليلة، وهذا حق واجب على كل إنسان يعرف للإنسانية حقها، فيخصهم بدعواته في صلاته كل يوم.

لا تتعامل أخي القارئ مع قضية أهلنا في سوريا من منطق السبوبة، فلقد شبعنا عويلاً على ما نراه من جرائم بحق هؤلاء البشر، فكلما حدث شيء تذكرناهم ثم تُنسينا الأحداث قضيتهم، فاكتبوا عنها في كل يوم وتحدثوا مع من تعرفون حتى لا ننسى هذه القضية، فالبعد عن الشيء يصيب الواحد منا بالنسيان والفتور.

ليكن من مالك جزء تخصصه لهؤلاء المحاصرين أو المشردين في بقاع الأرض، رجالاً ونساء وأطفالاً، فقد كل منهم الأب أو الأم أو الأخ أو الابن أو الزوجة أو.

كلهم في حاجة لما يتعرضون له من إساءة العاملة في بلاد الغرب أو بلاد الشرق التي تمن عليهم، ولا يعلمون أن كل فرد منهم سيسأل أمام الله عن هؤلاء، فكم أبهرتنا نساء قل أن تجد في الرجال أمثالهن يخاطرن بالحياة لكسر حصار أهل غزة يوم تخلى القريب والبعيد، وانتقل هؤلاء الفسدة الذين يحكمون ليبكوا في جنازة المجرم الذي قتل الأطفال من أهل فلسطين في خيانة واضحة لا تشوبها شائبة، تخاطر النساء بحياتهن والذكور ممن يتشدقون بالحرية والحقوق يرمون بأنفسهم في أحضان الصهاينة!

اكسروا أصنامكم التي بداخلكم، واعلموا أن ربكم الله الذي يصرف الكون حيث شاء؛ فهو الذي يعطي ويمنع ويعز ويذل، يرفع أمماً ويضع أخرى "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير".

فاللهم اكتب خلاصاً لأهل سوريا من ذلك الظلم الذي نزل بهم، ونسألك أن ترد كيد كل من يتآمر عليهم ويخطط لهلاكهم.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد