بين الخوف من الموت في معركة شرسة وترقب النجاة من سطوة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يلزم سكان الموصل العراقية الملاجئ والأقبية وسط سحابات من الدخان الأسود تغطي المدينة، يحاول عبرها المتطرفون حماية أنفسهم من غارات التحالف.
أصبحت الموصل التي تمتد على ضفاف نهر دجلة، وأعلن منها التنظيم المتشدد قبل أكثر من عامين ما يسمى "دولة الخلافة"، آخر أكبر معاقل الجهاديين في العراق.
شوارع بلا مارة
وأورد أبو سيف أحد أهالي الموصل وهو مدير شركة سابق (47 عاما) في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن شوارع المدينة خلت تماماً من السكان وحتى من المسلحين بعدما اختبأ الجميع.
وقال "الأجواء غريبة ومرعبة، السماء يغطيها دخان أسود ناتج من إطارات يحرقها الجهاديون في كل مكان".
وأضاف "هناك أيضاً دخان أسود يتصاعد من احتراق النفط داخل خنادق حفرها مسلحو داعش حول المدينة".
وتابع أبو سيف وهو أب لثلاثة أولاد يسكن في شرق الموصل، "الشوارع خالية، الناس اختبأوا في منازلهم منذ بدء القصف الجوي" الإثنين مع إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء معركة استعادة المدينة.
وتابع أبو سيف "ما زال هناك قناصة موجودون على مبان مرتفعة حول المنطقة ولديهم سيارات مفخخة جاهزة لتفجيرها في أي لحظة".
داخل أقبية
بات أبو سيف عاطلاً عن العمل وحاول مطلع العام تهريب عائلته خارج الموصل. وأكد أن السكان من حوله حائرون بين إمكان الخلاص من سطوة الجهاديين والخوف من احتمال عدم نجاتهم في غمرة المعركة.
وقال "نحس نوعاً من السرور لأننا نشعر بأنه سيتم إنقاذنا قريباً" وتدارك "لكننا نخاف أن يقوم داعش بأعمال انتقامية ضد الناس".
وأشار إلى قيام الجهاديين في الآونة الأخيرة ومع تشديد القوات الأمنية حصارها للموصل، بإعدام عدد كبير من الأهالي بينهم حتى عناصر من داعش، بتهمة التجسس أو التعاون مع القوات العراقية.
وأضاف "هناك خوف كذلك من القنابل التي تنهمر من السماء. توجه الناس إلى ملاجئ قديمة كانوا يستخدمونها خلال الحرب مع إيران في ثمانينات" القرن الماضي.
وتابع "انتقل آخرون أيضاً إلى أقبية في منازلهم وخصوصا في المناطق القديمة من الموصل".
وثمة عائلات باتت تتقاسم منزلاً واحداً بحيث يشعر أفرادها بأمان أكبر ويتشاركون مختلف وسائل العيش على ندرتها.
ولفت أبو سيف إلى أن "السكان خبأوا أشياءهم الثمينة خوفا من أن يسرقها الجهاديون عند هربهم أو خشية وقوع أعمال سلب ونهب خلال تحرير المدينة".
كيف تحمي نفسك؟
وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أنه أملاً في تفادي النزوح الجماعي للمدنيين والذي قد يفضي بهم الحال إلى التواجد في وسط منطقة إطلاق النيران، ناشدت الحكومة العراقية في بثها الإذاعي المدنيين بالبقاء في منازلهم، وأيضاً ومن خلال إسقاطها لآلاف المنشورات على المدينة.
أوضحت المنشورات قائمة طويلة من التعليمات، والتي تقول:
قم بلصق شريط على النوافذ على شكل علامة "إكس X" لحمايته من الكسر.
قم بفصل أنابيب الغاز
قم بإخفاء المجوهرات والأموال.
ابق في الطوابق المنخفضة، وقل لأطفالك إن أصوات القنابل المدوية ليست سوى أصوات الرعد.
وأما شباب الموصل، فقد طالبتهم الحكومة بمحاربة داعش عندما تبدأ المعركة.
وطبقاً للأمم المتحدة، من الممكن أن تؤدي المعركة إلى تهجير 1.2 مليون شخص من المدينة. ويعيش حالياً حوالي 213 ألف شخص من مدن الموصل والفلوجة والقيارة بمخيمات اللاجئين في شمالي العراق، بحسب "نيويورك تايمز"
ومن المتوقع أن يهرب 200 ألف شخص من مدينة الموصل خلال المراحل الأولى للهجوم. ولهذا قامت الأمم المتحدة بتوسعة مخيمات اللاجئين، وبناء العديد من المخيمات الجديدة في شمالي العراق لاستيعاب تدفق السكان أثناء الهجوم.
وتم إنشاء مخيمين آخرين بديباغة جنوب شرقي الموصل في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب؛ لاستيعاب السكان الفارين من القرى شرقي نهر دجلة. وقد تضاعف عدد سكان مخيمات ديباغة منذ افتتاحها العام الماضي.