فضيحة مصر السيسي في مجلس الأمن

إن هذا السيسي ليس لديه أدنى منطق سياسي لتبرير موقفه في دعم نظام بشار الإجرامي الذي أهلك الحرث والنسل في سوريا، ولكن كما يقولون في المثل العربي: "الطيور على أشكالها تقع"، فكما أن بشار يدمِّر سوريا ويقتل في شعبها، فهذا السيسي يدمِّر مصر بل المنطقة برمتها لصالح أعدائها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/17 الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/17 الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش

الموقف الذي اتخذته مصر في مجلس الأمن بخصوص سوريا، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك خيانة السيسي وتبنيه لكل موقف يعادي الشعب السوري الذي ضحّى كثيراً من أجل استعادة كرامته وحريته. وفي الحقيقة هذا الموقف ليس غريباً على شخص خان رئيسه وانقلب عليه، بل ليس مستهجناً من إنسان قتل شعبه وأذلّه وأهانه في كل ميدان، وباع أرضه، وفرّط في مقدرات الدولة المصرية، وقدّم للكيان الصهيوني ما لم يقدِّمه مؤسس إسرائيل نفسه، ولا أكثر المتصهينين.

فهو موقف مثير للدهشة والذهول؛ لأن المجلس كان مطروحاً عليه مشروعا قرار بخصوص سوريا، مشروع قرار فرنسي يدعمه العالم كله باستثناء روسيا، ومشروع روسي يرفضه العالم كله باستثناء روسيا وفنزويلا، المشروع الأول يلزم الجميع بوقف الغارات الجوية الوحشية على الشعب السوري في حلب، والتي يشاهد العالم مشاهدها حية على مدار الساعة بصورة لا تُصدّق، والقرار الثاني الروسي يرفض ذكر ذلك، والطريف في الموقف، والذي أذهل الجميع، أن مندوب مصر صوّت بالموافقة على المشروعين، الفرنسي والروسي!!

خطورة هذا الموقف أنه يمثّل تحدياً لمن يصفهم السيسي نفسه بحلفائه الرئيسيين في الخليج العربي، ويمثّل خيانة صريحة وواضحة لموقف السعودية، الذي لم يخطر على بالها أن مصر سوف تتحدّاها في مجلس الأمن وتصوّت لصالح المشروع المضاد، ولذلك عبّرت السعودية على لسان مندوبها بقوله: كان موقف مصر مؤلماً جداً بالمقارنة لدول أخرى أقرب للقضايا العربية مثل السنغال وماليزيا.

حيث كان العالم كله ضد المشروع الروسي تقريباً، الذي استخدم حق الفيتو ضد أي قرار يدين النظام السوري المجرم، وهذا المشروع قدّمته فرنسا؛ ليحمي المدنيين في حلب من القصف الوحشي الروسي، ونظام الأسد الفاشي.

واللافت للنظر أن دولة مثل الصين، الحليف التقليدي لروسيا في سوريا، امتنعت للمرة الأولى عن دعم قرارها، وامتنعت عن التصويت.

إنها الخسّة وخيانة العروبة، التي لا يزال السيسي يمارسها بكل بجاحة، وعدم دبلوماسية، فلم يدع مجالاً للجانب الأخلاقي والإنساني للمأساة التي يعيشها الشعب السوري يومياً من طوفان الغارات الروسية التي تهدم كل شيء، وتسوي المدينة بالتراب وتقتل يومياً عشرات الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة وتتعمّد ضرب المستشفيات والمخابز لجعل الحياة مستحيلة من أجل تفريغ المدينة من سكانها، لإحداث تغيير ديموغرافي في سوريا، والعالم كله يرى ذلك بوضوح كامل، والغريب في الأمر أن هذا السيسي لم يراعِ حتى مصالحه ومصالح داعميه من دول الخليج، الذين وقفوا بجواره ودعموه.

ولم يدع مجالاً للتدخل الدولي ليأخذ مجراه ضد إجرام بشار الأسد، فتصويت مصر في حقيقته لن يقدِّم ولن يؤخِّر في القرار النهائي لمجلس الأمن، فاللعبة هي بين الدول الخمس صاحبة "الفيتو"، فكان من الواجب عليه على الأقل أن يكون له موقف ولو مجاملاً لشركائه في دول الخليج، الذين يضخون له يومياً مئات الأطنان من الوقود شبه المجاني لإنقاذ نظامه من السقوط، ناهيكم عن المليارات التي أخذها في أوقات سابقة.

إن هذا السيسي ليس لديه أدنى منطق سياسي لتبرير موقفه في دعم نظام بشار الإجرامي الذي أهلك الحرث والنسل في سوريا، ولكن كما يقولون في المثل العربي: "الطيور على أشكالها تقع"، فكما أن بشار يدمِّر سوريا ويقتل في شعبها، فهذا السيسي يدمِّر مصر بل المنطقة برمتها لصالح أعدائها.

إن نظام السيسي يعمل ضد مصالحه ومصالح مواطنيه الحيوية، نظام يضرب شركاءه، ويعاقب داعميه، فهو لا يملك الحد الأدنى من العقلانية السياسية، إن أكثر أهل الخليج المتعصبين لنظام السيسي أصيبوا بالإحباط وخيبة الأمل ويقولون ويكتبون علناً بأنهم خدعوا، وهل هذا جزاء "سنمَّار"؟!! ويطالبون حكومات بلادهم بوقفة حازمة مع مصر السيسي الذي خدعهم وخانهم، بل خان كل القضايا العربية، لحساب مجرم قاتل دموي مستهتر مثل بشار الأسد، الذي قتل أكثر من نصف مليون من شعبه، وهجّر ثمانية ملايين، وهدَّم مُدناً، وأحياء بكاملها وسواها بالتراب.

وللأسف أصبح بشار الأسد مثلاً للوحشية والدمار والخراب، في كل مواقف السيسي الداخلية والخارجية!

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد