الشرق الأوسط.. صراعات ونتائج!

ونرى الثقافة محوراً للاهتمام، ومرة أخرى تعاني من الإهمال، وقسّ على ذلك الكثير والكثير.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/17 الساعة 03:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/17 الساعة 03:00 بتوقيت غرينتش

أما آن لتلك المنطقة من العالم أن تستكين؟

منطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي تظهر على خرائط ورادارات العالم كمناطق منكوبة دائماً، لا تلبث أن تخرج من أزمة تلو الأزمة حتى تحول الوضع من أزمة عابرة إلى حقيقة قائمة، جل ما تريده ألا يزداد الوضع سوءاً فقط.

بدأت تلك السلسلة التي فرط عقدها بحروب تأسيس المملكة السعودية عام 1902م، والتي خلفت الآلاف من القتلى، مروراً بالنزاع العراقي الكردستاني، الذي بدأ في عشرينات القرن الماضي، واستمر للألفية الجديدة، وخلف مئات الآلاف من القتلى وملايين الجرحى عبر سنواتها، ثم انتصف ذلك القرن المنصرم بحروب الصراع العربي – الإسرائيلي، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، وكلفت تلك المنطقة خسارة جزء من ترابها، وهي أرض فلسطين، ثم تستمر الصراعات ليطل القرن الجديد بحرب العراق، التي كلفت ذلك الشعب الأبي ماله وأرضه وعرضه ووطنه، وأسقطت 200 ألف قتيل وملايين الجرحى والأسرى.

كل تلك الأحداث وما تخللها من أحداث جسام أخرى جعلت شعوب تلك المنطقة شعوباً مهزومة نفسياً، ومتناحرة اجتماعياً، ومتنافرة عرقياً ودينياً، وعملت على تغيير الثقافة والهوية، بل والعقيدة أيضاً، فنرى الدين تارة في موضع الاهتمام، وتارة في موضع الاتهام، حتى أصبح الوضع معقداً جداً لفهم تلك الظاهرة الطاغية على الشعوب العربية.

ونرى الثقافة محوراً للاهتمام، ومرة أخرى تعاني من الإهمال، وقسّ على ذلك الكثير والكثير.

ويتضح لنا ذلك الاختلال جلياً في موقف الدول العربية تجاه الكيان الصهيوني، فعندما أقدمت مصر على إبرام اتفاقية كامب ديفيد، انفضت الدول العربية من حول مصر، ولكن مع الوقت أصبح هناك الكثير من تلك الدول التي اتخذت موقفاً رافضاً، أصبحت الآن تتودد إلى إسرائيل ولو بشكل غير علني، وهو ما ظهر في انتخاب 4 دول عربية، على الأقل لإسرائيل في رئاسة اللجنة القانونية بالأمم المتحدة، لماذا كل هذه التنازلات المقدمة؟

كل هذه التنازلات من أجل الاستقرار، ولو كان استقراراً فوق فوهة بركان نشط.

وفي 2010 أنهت أميركا احتلالها للعراق بشكل جزئي، وأخيراً أصبح هناك بارقة أمل وفرصة حقيقية للاستقرار السياسي والاجتماعي لتلك الدول، فقامت ثورات الربيع العربي، التي أحيت آمال شباب تلك المنطقة في غد مشرق وأمل مديد، ولكن أراد آخرون غير ذلك، فتدخلوا بعدو جديد، وهو الإرهاب؛ ليطل برأسه القبيح في تلك المنطقة فعادت مرة أخرى إلى المربع صفر.
ذلك الإرهاب البغيض الذي استخدمته الأنظمة العربية أفضل استغلال لترسيخ وجودها وإعطاء نفسها الحق في البقاء والدفاع عن مقدرات تلك البلاد، واستغلته الأنظمة الغربية لتقوية نفوذها في تلك الدول؛ حيث تساوم الأنظمة، المعلومة مقابل الولاء إذا كنت دولة فقيرة، والمعلومة مقابل الولاء والمال إذا كنت من الدول الغنية.

وتحت راية محاربة الإرهاب أو راية الاستقرار أو راية الوحدة… الخ انخفض اهتمام تلك الدول بالتعليم والصحة، وارتفع الاهتمام بالجانب العسكري والأمني، وهو ما انعكس على تأخر تلك الدول علمياً وغياب البحث العلمي، وانتهى عصر العلم والاهتمام بالعلماء، ولذلك نرى الكثير من العلماء العرب يهرعون ويفرون بعلمهم خارج حدود دولتهم، آملين بتقدير علمي ووضع مادي واقتصادي أفضل، يوهبون تلك الدول التي تحتضنهم الكثير والكثير؛ ليحصلوا أيضاً على الكثير والكثير، ولكن هل ترى دول المنطقة في العلم أملاً؟ للأسف هم يرون العلم ليس طريقاً وليس أملاً، بل يرون ذلك في الخيارات الأمنية.

وهنا نعيد السؤال مرة أخرى: أما آن لتلك المنطقة من العالم أن تستكين؟ أما آن لتلك المنطقة من العالم أن تستعين بالعلم؟ أما آن لتلك المنطقة من العالم أن تسلك منهج الديمقراطية؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد